ما حكم الأراضي المخصصة من قبل الدولة تعويضا
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2928)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
قامت الدولة بإنشاء مشروع (سيدي الصيد) الزراعي بترهونة، على أراضٍ مملوكة للناس، ثم وزعت الأراضي على الناس بشروط معينة، فتحصل والدي رحمه الله على مزرعة منها سنة 1977م، علما بأن والدي كان يملك عدة أراضٍ في المساحة التي أقيم عليها المشروع، ولم يتحصل أكثر الناس المالكين سابقًا على مزارع، ولم يعوَّضوا عن أراضيهم، ونتيجةً لطول الفترة الزمنية، وتفرع جذور العائلات؛ لم نستطع الحصول على حجج الأراضي التي كان يملكها الوالد؛ لأجل فرز الأملاك، والتفاهم مع أصحابها، فما حكم تصرفي وإخوتي في المزرعة التي أعطيت للوالد للانتفاعِ لا التمليك؟ علما بأنه يوجد بها منزل، وخزان مياه أرضي كبير، ومخزن صفيح (هنقر)، وجرّار، وتمّ تقسيم الأرض إلى أجزاء حسب الورثة.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فمن كان في مثل حال السائل، له ملك مقدس أُخذ منه، وأُدخل ضمن المشروع الزراعي، لِما سمي بالاكتفاء الذاتي، الذي تمّ توزيعه بعد ذلك على العاملين بالمشروع على وجه التخصيص؛ فإنه يجوز له أن ينتفع بما خُصص له، إذا كان الذي خُصّص له بالقدر الذي أُخذ منه، ولو لم يكن التخصيصُ في البقعة التي أُخذت منه بعينها؛ لأنه الممكنُ في استيفاء الحقوق ورفعِ الظلم، ومَن لم يكن له في أراضي المشروع ملك مقدس قبل الدمج؛ فلا حقّ له فيما خُصص له؛ لأنه أُعطي أرضًا مغصوبةً، وقد حرَّم الله الغصبَ؛ قال صلى الله عليه وسلم: (مَن ظلمَ قيد شبرٍ من الأرضِ، طوِّقهُ مِن سبعِ أرضين) [البخاري:2453،مسلم:4144].
لكن فيما يتعلق بالبيعِ ينبغي التريثُ؛ لأنّ هذه القوانين الظالمة ألغيت، لمخالفتها أحكام الشرع الحنيفِ، بموجبِ قرار المؤتمر الوطني العامّ بإقرارِ تعديلِ القوانين المخالفةِ للشريعة، فالأولَى الانتظار، وعدم التصرف، إلى حين صدور القوانين التي تعالج آثار تلك القوانين الظالمة الملغاةِ، وذلك حتى لا يزدادَ الأمر تعقيدًا عند وضع الحلولِ لرفعِ آثارها، ولا يجوزُ لمن له حق في هذه المزرعة أو غيرها ممّا كان يُسمى بالاكتفاء الذاتي، استيفاءُ حقه بقوة السلاح؛ لما يؤدي إليه مِن الهرج، وسفكِ الدماء، وإشاعةِ الفوضى، ويجب على مَن له حجة تثبت ملكه ولم يخصص له شيء في هذه المزارع، أو خصصَ له أقلّ مما كان يملكه؛ الرجوعُ في استردادِ حقه إلى القضاء، والمحاكم المختصة، والهيئاتِ الإدارية المخولة بذلك، ولا يجوزُ لأحد تغيير الوضعِ القائم بالقوة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
أحمد ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
25/رجب/1437هـ
03/مايو/2016م