بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4989)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
حدث خلافٌ بيني وبين زوجتي، وأصبحتُ في حالة غضبٍ شديدٍ، فتلفظتُ بالطلاقِ، وقلت لها: (طالق طالق طالق) دونَ وعيٍ مني، فما حكم هذا الطلاق؟
الجواب:
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن العقل هو مناطُ التكليفِ والمؤاخذةِ بالأقوال والأفعال، فإذا كان المطلِّقُ يعي ما يقول، ويقصدُ ما تكلم به، فالطلاق واقعٌ، وأما إن كان المطلقُ شديدَ الغضبِ وقتَ الطلاقِ، إلى درجةٍ لا يعي فيها ما يقولُ، ولا يشعرُ بما صدرَ منه؛ فالطلاق لا يقع؛ لأنّ الزوجَ صارَ في حكم المجنونِ فاقدِ العقل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَن ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ) [الترمذي: 142]، وقال الصاوي رحمه الله: “يَلْزَمُ طَلَاقُ الْغَضْبَانِ، وَلَوْ اشْتَدَّ غَضَبُهُ، خِلَافاً لِبَعْضِهِمْ، وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يَغِبْ عَقْلُهُ، بِحَيْثُ لاَ يَشْعُرُ بِمَا صَدَرَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ كَالْمَجْنُونِ” [بلغة السالك: 351/2].
عليه؛ فإن كان السائل وقت وقوع الطلاق قد بلغ به الغضب مبلغًا، بحيث لم يعِ ما وقع منه؛ فلا يلزمُهُ الطلاق، أما إن كان غضبُهُ دون ذلك، وهو مدركٌ لما وقع منه؛ فالطلاقُ قد لزمَه، وقد بانتْ منه زوجته بينونةً كبرى، ولا يحل له إرجاعُها حتى تنكحَ زوجًا غيره، لأنه كرر الطلاق ثلاث مرات، إلا إذا كان قصد بالتكرار في ذلك الوقت التأكيد لطلاقها، فلا تلزمه حينئذ إلا طلقة واحدة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
06//ربيع الأول//1444هـ
02//10//2022م