كيف يتم التصرف في مكافآت الموظفين ممن تركوا الوظيفة ولا يعلم مكانهم؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4990)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

قررت شركةٌ خاصة توزيع مكافآت تحفيزية للعاملين بها، على حسب تفاوتهم في العمل، خلال عام 1442هـ، وتأخرتْ الشركة في توزيعها بسبب ظروفٍ مرت بها، وخلال الفترة السابقة تركَ بعض العاملين الشركةَ بإجراء إداريّ، وتم إعطاؤهم مكافأةً بديلةً، والبعض الآخر ترك دون إجراء إداري، وانقطعوا، ولم يمكن الوصول إليهم، والشركة الآن بصدد توزيع هذه المكافآتِ، فكيف يتم التصرف فيها؟ مع العلم أن مثل هذه المكافآت متعارفٌ عليها عندهم.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالمبلغ الذي يدفع للموظفين، وتسميه الشركة مكافأة، عند نهاية الخدمة، هو عبارة عن التزام من الشركة للموظف الأجير نظير عمله في الشركة، وهو جائزٌ ولازمٌ، ما دام الموظف قد أدى ما اتفق عليه مع الشركة، ويعد جزءًا من الأجرة المتفق عليها معه، يقبضُه مؤجلًا، قال الحطاب رحمه الله: “إِذَا قَالَ لَهُ إِنْ بِعْتَنِي سِلْعَتَكَ بِكَذَا فَلَكَ عِنْدِي كَذَا وَكَذَا، أَوْ فَقَدِ الْتَزَمْتُ لَكَ بِكَذَا وَكَذَا فَالشَّيْءُ الْمُلْتَزَمُ بِهِ دَاخِلٌ فِي جُمْلَةِ الثَّمَنِ، فَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الثَّمَنِ” [تحرير الكلام في مسائل الالتزام: 202]، والإجارةُ بيعٌ للمنافع، حكمها حكمُ البيع في الجملة، وجريانُ العرف بذلك يجعلهُ كالواقِع في العقدِ ابتداءً، وينفي عنه الجهالةَ؛ لأن العرفَ كالشرط، قال المنجور رحمه الله: “وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ ‌الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ” [شرح المنهج المنتخب: 416/1].

عليه؛ فمنحُ الشركةِ الموظفَ المجتهد زيادةً على مرتبه، وحرمانُ الآخر مِن الزيادةِ؛ دليلٌ أنّ هذه المكافأة مستحقَّةٌ له، فكأنَّ الشركةَ زادتِ الموظفَ الذي ضاعفَ جهده على مرتبهِ مبلغًا من المال، فصارَ الجميعُ في حكم المرتبِ بالنسبة إليه، فالموظفُ الذي لا يُعرف عنوانه ولا يمكنُ الوصولُ إليه، تتصدقُ الشركة بهذه المكافأةِ عنه، وتضعها في مشاريعَ خيريةٍ نافعةٍ، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

07//ربيع الأول//1444هـ

03//10//2022م