بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3845)
السيد/ رئيس مجلس حكماء وأعيان بلديّة سوق الجمعة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة، وبعد:
فبالإشارة إلى طلب الفتوى المقدّم من قبلكم المتضمّن السؤال عن حكم المال المدفوع لأسر ضحايا القتال، الذي وقع بمطار امعيتيقة بين الكتيبة (33) مشاة التابعة لوزارة الدفاع، وقوّة الردع الخاصة التابعة لوزارة الداخليّة، وكان من الضحايا مضيفة بالخطوط الجويّة، أصيبت بقذيفة في طريق رجوعها من المطار.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فإنّ القتال الواقع بين طائفتين متأوّلتين من المسلمين، إذا قُتل فيه أحدٌ لا يجب فيه قوَدٌ ولا دية، ويكون دم المقتول هدرًا، قال اللخمي رحمه الله: (الْقَتِيلُ بَيْنَ الصَّفَّينِ دَمُهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: هدرٍ، وقصاصٍ، وديةٍ، ومختلفٍ فيهِ هل يكون قصاصًا أو دية، وذلك راجعٌ إلى الوَجهِ الّذِي كان عليه القَتْلُ، فإن كانت الطائفتَانِ مُتَأوِّلَتَيْنِ كَانَ دَمُهُ هدرًا لا قَوَدَ وَلاَ دِيَةَ فِيهِ) [التبصرة: 13/469]، والتأويل كما قال الخرشي: (أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ شُبْهَةٌ يُعْذَرُ بِهَا بِأَنْ ظَنَّتْ كُلُّ طَائِفَةٍ أَنَّهَا يَجُوزُ لَهَا قِتَالُ الْأُخْرَى لِكَوْنِهَا أَخَذَتْ مَالَهَا وَأَوْلَادَهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ) [شرح الخرشي: 8/55]، وهذا الكلام محمول على ما إذا كان القتل عمدًا، أمّا إن وقع القتل خطأ فتجب الدّية لأولياء القتيل، قال اللخمي: “وَإِنْ كَانَ القَاتِلُ وَالمقْتولُ مِنْ فِئَةٍ واحِدَةٍ غلَطًا فِيهِ الديةُ؛ لأنّهُ خَطأ” [التبصرة: 13/469] وكذا من كان من خارج الطائفتين، ولم يكن له علاقة بالقتال؛ لا يهدر دمه، بل تجب الدية لأوليائه من بابٍ أولى.
عليه؛ فالمال الذي دُفع لأسر الضحايا فيه تفصيل: فمن قُتل من إحدى الطائفتين عمدًا يكون المال المدفوع هبةً لمواساة أسرة القتيل، ولا تجري عليه أحكام الدية، ومن قتل من إحداهما أو من غيرهما خطأً، كالمرأة المذكورة في السؤال، يكون للمال المدفوع إلى أسرته حكم الدية؛ لأنّه مال مصالح به عن الدية، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
عبد الدائم بن سليم الشوماني
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
11//رجب//1440هـ
18//03//2019م