بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5024)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
ذهبت مع زوجتي الثانية إلى دولة تونس، فأقمت هناك مدة، وقمت بالاتصال هاتفيا بابني، وقلت له: “أعطني والدتك” (زوجتي الأولى)، وأعطانيها لأكلمها، وكلمتها بالهاتف وأعطيتها كلمتها (الطلقة الثالثة)، ولم أقم بالذهاب إلى المحكمة لإثبات الطلاق، ولم أشعر بنفسي حينها، ولم أعلم كيف قمتُ بهذا الأمر، وذلك لأن زوجتي الثانية سحرتْني، وطَلَبَتْ مبلغ 30 ألف دينار، والتنازل عن منزلي الذي تسكن به زوجتي الأولى وأبنائي، ووثقتُ مستندًا فيه التنازل عن المنزل، والالتزام بالمبلغ المذكور، والآن طلقتُ زوجتي الثانية، وأرغبُ في إرجاع زوجتي الأولى، فما الحكم؟
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فإن كان السائلُ وقتَ وقوعِ الطلاقِ مسلوبَ الإرادةِ، بحيث لا يدري ما يقولُ، أو وجدَ نفسه مجبرًا على التلفظ بلفظِ الطلاق بسببِ السحر، فإنّه لا يقعُ منه الطلاق، ويكون حينئذٍ في حكم المكرَهِ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ وَضَعَ عَن أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ) [ابن حبان: 7219]، وفي المدونة: “قُلْتُ: أَرَأَيْتَ طَلَاقَ الْمُكْرَهِ وَمُخَالَعَتَهُ، قَالَ مَالِكٌ: لاَ يَجُوزُ طَلَاقُ الْمُكْرَهِ، فَمُخَالَعَتُهُ مِثْلُ ذَلِكَ عِندِي” [المدونة: 79/2]، وهذا في المسحورِ الذي جعله السحرُ مسلوبَ الإرادةِ، بخلافِ المسحورِ الذي لم تصلْ حالته إلى هذا الحدّ، وبخلافِ العاقل المختارِ الذي لم يفقدْ الإدراك، فهذانِ محاسبانِ على أقوالهما وأفعالهما.
وعليه؛ فإن كان السائلُ وقتَ إيقاع الطلاقِ الأخير مسلوبَ الإرادةِ، تحتَ وطأةِ السحرِ – كما ذكر – فطلاقُهُ غيرُ واقع، وزوجته الأولَى ما زالت على عصمتهِ، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
عبد الرحمن بن حسين قدوع
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
18//ربيع الآخر//1444هـ
13//11//2022م