ما حكم عدم قيام شركات الاتصالات المزوِّدة لخدمة الإنترنت بتطبيق قانون حجب المواقع الإباحية؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4262)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
ما حكم عدم قيام شركات الاتصالات المزوِّدة لخدمة الإنترنت بتطبيق قانون حجب المواقع الإباحية؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد: فإنَّ عدم قيام شركات الاتصالات المزودة لخدمة الإنترنت بتطبيق قانون حجب المواقع الإباحية، من المخالفة لأوامر الله، والتهاون بها، فقد حذر سبحانه وتعالى من الفواحش وأسبابها، وتوعد مُحِبِّي شيوعها بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة، فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النور:19]، وأمر الرجال والنساء بغض البصر والأخذ بأسبابه، في قوله: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾[النور: 30/31]، ويترتب على عدم حجب هذه المواقع ضرر في الدين، وفساد بالغ في المجتمع، من انتشار للرذيلة، والشذوذ، والاغتصاب، والمشاكل الزوجية، وإفساد فطرة الأبناء، والإدمان عليها يؤدي إلى تعطيل العقول، والعجز عن تأدية الوظائف.
ومن واجب المسؤولين في الهيئة العامة للاتصالات حماية البيوت والمجتمع من الرذائل، فإن الله تعالى سيسأل كل راعٍ عما استرعاه، فرَّط أم ضيع، ومن ضيع فقد خاب وخسر، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما مِن عَبْدٍ اسْتَرْعاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً، فَلَمْ يَحُطْها بنَصِيحَةٍ، إلَّا لَمْ يَجِدْ رائِحَةَ الجَنَّةِ) [البخاري: 7150].
لذا؛ فإن دار الإفتاء ترى – إبراءً للذمة، ونصحًا لولاة الأمر وللأمة – أن الواجبَ الشرعي على المسؤولين وأولياء الأمور، أن يهبّوا لِمعالجة هذا الأمر، وأن يسارعوا في إنفاذ القانون الصادر بحجب هذه المواقع، وأن يجعلوه من أولويات اهتماماتهم؛ وفاءً بما تحمّلُوه من أمانة، وحفاظًا على الدين، وعلى الرعية من التضييع، وعلى أهل الخير وأهل الدّين من عامة الناس أن يرفعوا دعاوى حسبة لدى المحاكم على المسؤولين، في وزارة الاتصالات وغيرها ممن يسمحون بمثل هذا الفساد لشباب المسلمين، فإن منهم من لا يردعه عذاب الله بالنار ولا تردعه إلا عقوبات الحرمان من الوظيفة والجزاءات الدنيوية، والقيام بذلك فرض كفاية على عامة المسلمين في البلد، لا يجوز التفريط فيه، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
04//ربيع الأول//1442هـ
21//10//2020م