طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوىالنكاح

ما حكم نشوز الزوجة؟ وما الذي يترتب عليه؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4948)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

حدثت بيني وبين زوجتي مشاكل وسوء فهم، بسبب عدم استجابتها لما أطلبه منها؛ كلبس الخمار، وعدم إقامة أعياد الميلاد، وعدم الخروج من البيت دون إذني، كما أنها تمتنع منّي في الفراش، ومن مدّة خرجتْ من البيت وبقيتْ عند أهلها، ورفضتِ الرجوع، علمًا أن لدينا ابنتين، ولا أضمن حصولهما على تربية حسنة لعدم صلاح أخيها، وهي الآن تطالبُ بالطلاق بحجة أنها غير مرتاحة معي، وأنها ستلجأُ للمحكمة، وتطالب بحقوقها من حضانة ونفقة، فما حكم ذلك؟

الجواب:

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن كان الحال كما ذُكر، فما تفعله الزوجة من امتناعها من زوجها وعدم الرّجوع إلى بيته، وإصرارها على أن تستمر في البقاء في بيت أهلها، يُعدّ نشوزًا محرّمًا، قال تعالى: ﴿وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهۡجُرُوهُنَّ فِي ٱلۡمَضَاجِعِ وَٱضۡرِبُوهُنَّ﴾‏ [‏النساء‏:‏ 34‏]، فلا يجوز للمرأة الخروج من بيت زوجها لغير ضرورة، إلا بإذنه، ويجب عليها طاعته في المعروف، قال تعالى: ﴿‌فَإِنۡ ‌أَطَعۡنَكُمۡ فَلَا تَبۡغُواْ عَلَيۡهِنَّ سَبِيلًا﴾ [‏النساء‏:‏ 34‏] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الطّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ) [البخاري: 6830]، وقال صلى الله عليه وسلم: (إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَصَّنَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا، دَخَلَتْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَتْ) [ابن حبان: 4163]، وللزوج أن يلزم زوجته بما فيه مصلحتها، ويمنعها من فعل ما يكره، إنْ رأى في ذلك ضررًا عليها، أو على بيتها وأولادِها، وهو الذي يقدر المصلحة في ذلك؛ لأن الله تعالى جعل له القِوامة، قال الله عز وجل: ﴿‌ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ وَبِمَآ أَنفَقُواْ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡ﴾ [النساء: 34]، ولأنه الراعي على أهل بيته، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ) [البخاري: 7138].

أما فيما يخص حقوقها؛ فإن النشوز يمنع النفقة عليها، وعليها إذا كانت تريد النفقة أن ترجع لزوجها، ولا حق لها في طلب الطلاق مع النشوز، قال ابن عبد البر رحمه الله: “وَمَنْ نَشَزَتْ عَنْهُ امْرَأَتُهُ بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا سَقَطَتْ عَنْهُ نَفَقَتُهَا، إِلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا” [الكافي: 2/559]، وإذا امتنعت الزوجة عن الرجوع وأصرت على الطلاق فمن حق الزوج أن يجعل طلاقها مقابل تنازلها عن حقوقها كالصداق أو النفقة أو الحضانة أو في جميع ذلك، قال تعالى: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا ‌افْتَدَتْ ‌بِهِ﴾ ]البقرة: 229[، وإذا تنازلت عن ذلك مقابل الطلاق لزمها التنازل.

وفي مدة النشوز لا حق لها في أخذ الأولاد من أبيهم؛ لأنها ظالمة بالنشوز، فلا تكافأ على ظلمها بحرمان الأب من أولاده، ونفقتها في مدة النشوز ساقطة كما تقدم، والله أعلم.

وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

02//صفر//1444هـ

29//08//2022م         

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق