بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3898)
السيد المحترم/ مدير مكتب وزير العدل/ المكلف.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة، وبعد:
فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة السؤال عن حكم زواج بعض المواطنين الليبيين من تونسيات، واختيارهم نظام الاشتراك في الأملاكِ في عقدِ الزواج.
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فبعد الاطلاع على قانون الاشتراك في الأملاك بين الزوجين تبينَ الآتي:
أولًا: النظام المذكور قائم على أمور منها:
- النظام لا يشمل مهر الزوجة؛ لكونه يبقى خاصًّا بها.
- يقتصر هذا النظام على العقارات التي لها صبغة سكنية، وملكت بعدَ عقد الزواجِ، أو بعد اختيار هذا النظام، دون المنقولات والعقارات المعدة لاستعمالٍ مهنيّ؛ حتى يحتفظ كلٌّ من الزوجين بالعقارات المكتسبة قبل الاشتراك بجهد خاصّ، أو بوجه الإرثِ، أو الهبة، أو الوصية.
- عدم صحّة التبرّع بالمشترك أو بشيءٍ منه إلَّا برضى كِلَا الزوجينِ.
- تعدُّ الديون والأعباء المترّتبة عن اكتساب ملكية المشترك أو استغلاله أو إدارته أو الانتفاع به أو التفويت فيه ديونًا مشتركةً بين الزوجين.
- الزوجان لهما حق اختيار هذا النظام، وتاريخ بدايته، سواء من عقد الزواج أو بعده، ولهما حق إنهائه، وحق توسعته ليشمل غير المذكور.
- ينتهي الاشتراك إمّا بوفاة أحد الزوجين أو بالطلاق، أو بفقدان أحدهما، أو بتفريق أملاكهما قضائيا، أو بالاتفاق.
ثانيًا: بالنظر لما سبق، تبين أن العقد المذكور المسمى بـ(الاشتراك بين الزوجين) أقرب ما يكون إلى هبة الثواب؛ كونه التزامًا من طرفين طوعًا بإعطاء الآخر حصة من ماله، قال الحطاب رحمه الله: “الْاِلْتِزَامُ الْمُعَلَّقُ عَلَى الْفِعْلِ الْجَائِزِ الَّذِي فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْمُلْتَزِمِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ إِعْطَاءُ الْمُلْتَزَمِ لَهُ لِلْمُلْتَزِمِ أَوْ لِغَيْرِهِ شَيْئاً وَتَمْلِيكُهُ إِيَّاهُ، نَحْو: إِنْ أَعْطَيْتَنِي عَبْدَكَ، أَوْ دَارَكَ أَوْ فَرَسَكَ، فَقَدِ الْتَزَمْتُ لَكَ بِكَذَا أَوْ فَلَكَ عَلَىَّ كَذَا أَوْ فَلَكَ عِندِي كَذَا الشَّيْءَ يُسَمِّيهِ، .. فَهَذَا مِنْ بَابِ هِبَةِ الثَّوَابِ، … فَيُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ مِنَ الْمُلْتَزَمِ بِهِ وَالْمُلْتَزَمِ عَلَيْهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الثَّمَنِ وَالْمَثْمُونِ مِنِ انْتِفَاءِ الْجَهْلِ وَالْغَرَرِ، إِلاَّ مَا يَجُوزُ فِي هِبَةِ الثَّوَابِ ..” [تحريرُ الكلامِ فِي مَسائِلِ الاِلْتِزَامِ: 200]، وهبة الثواب وإن جوز فيها المالكية جهالة العوض وأجله؛ نظرًا لجانب المكارمة فيها، غير أنهم لم يخرجوها عن البيع، وأن البذل فيها مقصود، وأنها عقد معاوضة.
عليه؛ فالعقد المذكور فاسدٌ شرعًا، لا يحلّ الدخول فيه ابتداء، أو المصادقة عليه من قبل الجهات الرسمية، ويجب فسخهُ؛ لاشتماله على الغرر الفاحش المحرم شرعًا، كون العوض قد يحصل وقد لا يحصلُ، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
سمير مصباح بن صابر
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
15/رمضان/1440هـ
20/05/2019م