ما مقدار الدية في القتل الخطأ؟ وهل يجوز التصالح على مقدارها؟
ما الذي يترتب على القتل الخطأ؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4680)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
توفي ابني في حادث سير، بسبب سيارة صدمته في طريق فرعيّ، داخل مصيف بحري، حيث كان الجاني مسرعًا بسيارته، وأهل الجاني الآن يطالبون بالتنازل، وأنا في حيرة من أمري، فما الموقف الشرعي من هذا؟ وما مقدار الدية؟ وهل يجوز التصالح على مقدارها؟ وكيف توزع على ورثته، وهم والداه وأخ وأخت؟
الجواب:
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن كان الحال كما ذكر؛ فإن تجاوز السائق للسرعة في طريق فرعي، يجعله متسببًا في القتل الخطأً، والواجب في قتل الخطأ الديةُ والكفارة؛ لقوله تعالى: (وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَّصَّدَّقُوا) [النساء:92].
ومن حقّ أولياء الميت المطالبة بالدية مِن عاقلة الجاني، والعاقلة الذين تجب عليهم الدية، هم عصبة القاتل ومقدار الدية الكاملة للرجل في قتل الخطأ على أهل المدن ألف دينار شرعيّ، وهو ما يساوي (4250) جرامًا من الذهب الخالص، أو ما يعادلها من المال، وذلك لما ثبت أنّ عمر رضي الله عنه فرض على أهل الذهب في الدية ألف دينار، وعلى أهل الورق اثنى عشر ألف درهم [أبوداود: 4252]، ويجوز لأهل المجني عليه أن يصطلحوا مع الجاني، على أي قدر من المال يتفقون عليه، ولو بأقل من الدية الكاملة، إذا رأَوا ذلك، ويجوز أن يعفوا عنه بلا شيء؛ لأن الدية حق لهم، قال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: (إِلَّا أَنْ يَّصَّدَّقُوا): “وَأَمّا الْكَفَارَةُ الّتِي هِيَ ِلله تَعَالَى فَلَا تَسْقُطْ بِـإِبْرَائِهِمْ؛ وَإِنّمَا تَسْقُطْ الدِّيَةُ الّتِي هِيَ حَقُّ لَهُمْ” [تفسير القرطبي:5/323]، وتوزيع الدية يكون على ورثة الميت حسب فريضتهم الشرعية، وهو قد مات عن أب وأم وأخ وأخت، ففي هذه الحالة للأم السدس؛ لوجود جمع الإخوة، وللأب الباقي تعصيبًا، أما الأخ والأخت فلا يرثون؛ لأنهم محجوبون بالأب، والله أعلم.
وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
17//ربيع الأول//1443هـ
24//10//2021م