طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوى

ما هي الحقوق الواجبة، مِن حضانةٍ وسكنى ونفقة ومهرٍ مقدمٍ ومؤخرٍ بعد الطلاق؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3555)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

طلقتُ زوجتي، ولي منها بنت، فما هي الحقوق الواجبة، مِن حضانةٍ وسكنى ونفقة ومهرٍ مقدمٍ ومؤخرٍ؟ وما حكم التعويض عن الطلاق؟ وما حكم ما أتت به الزوجة من أثاثٍ ومتاع إلى بيتِ زوجها؟ وقد تعرضَ هذا الأثاث للتلف بسبب حريق شبَّ في البيت، فهل يلزمني تعويضُها؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالحقّ في حضانة الأولاد الصغارِ لأمهم دونَ أبيهم بالإجماع؛ لما رواه أبوداود: أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنِّي. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي) [2276]، قال ابن المنذر رحمه الله: “أجمعوا أن الزوجين إذا افترقا ولهما ولد طفل أن الأم أحقّ به ما لم تنكح” [الإجماع:24]، إلا إذا أسقطتها الزوجة مقابل خلع، أو سقطت عنها بزواج وغيره، فإذا لم تسقطها فهي أحق بها، سواء كان طلبُ الطلاقِ منها أم لا، ويثبت للمحضون على والده أثناء الحضانة النفقة كاملة، ويجب عليه ما يستلزم الحضانة؛ بتوفير المسكن للحاضنة، إمَّا بالبقاء بمحل الزوجية، أو أن يوفر لمطلقته الحاضنة محلًّا آخر على وجه الكراء، وتكون أجرة المسكن على الأب والحاضنة بالاجتهاد، بأن يجعل ما ينوب الطفل من أجرة المسكن مثلا على أبي المحضون، وما ينوبُ الحاضنة عليها في مالها، ويكونُ تحديدُ ما ينوبُ كلّ واحدٍ منهما – النصف أو أقل أو أكثر – بالاجتهاد، ويستعان في ذلك بالمعمول به في المحاكم، قال سحنون رحمه الله: “سكنى الطفل على أبيه، وعلى الحاضنة ما يخص نفسها بالاجتهاد فيهما، أي: فيما يخص الطفل، وما يخص الحاضن” [الشرح الكبير:2/533]، وأما نفقة المحضون فلازمة على الأب، الذكور حتى يبلغوا، والإناث حتى يتزوجن، ويدخلَ بهن أزواجُهن، قال مالك رحمه الله: “الولد ولد الصلب دنية تلزمه نفقته في الذكور حتى يحتلموا، فإذا احتلموا لم تلزم نفقتهم، والنساء حتى يتزوجن ويدخل بهن أزواجهن، فإذا دخل بها زوجها فلا نفقة لها عليه” [المدونة:2/265]، وأما عن المهر المؤجل؛ فالواجب أن يسدد كاملا، حسب المتفق عليه، المثبت في وثيقة العقد، مقدّمُه ومؤخرُه.

وأما بالنسبة للتعويض عن الطلاق، فهو داخلٌ في المتعة، التي أمر الله تعالى بها في قوله: (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) [البقرة:241]، والأمر بها محمول على الاستحباب عند المالكية، وهي مقدرة بالاجتهاد، قال القرافي: “وهي عندنا ـ أي المالكية ـ مستحبةٌ، وقال الأئمة بوجوبها؛ لقوله تعالى: (وَمَتِّعُوهُنَّ)، وقوله: (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ)، وظاهرُ الأمرِ الوجوبُ” [الذخيرة:4/448]، أما مقدارها فقد قال ابنُ عبد البر رحمه الله: “وهي غير مقدرة ولا محدودة، لا معلوم مبلغها، ولا معروف قدرها معرفة وجوب، بل هي على الموسع بقدره، وعلى المقتر أيضًا بقدره متاعًا بالمعروف، كما قال الله عزّ وجل” [الاستذكار:17/276].

وعليه؛ فيندب للزوج دفع هذا العوض للزوجة؛ تطييبًا لخاطرها، بقدر استطاعته اجتهادًا، أو حسب ما يحدده القاضي.

والأثاث الذي أتت به الزوجة هو من حقها، تختص به، وأما ما تلف منه بحريق ونحوه، دون تفريط ولا إهمال من أحد؛ فقد ضاع عليها، ولا يتحمل أحد ضمانه، فلا تعوضُ عليه الزوجة، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

28/رجب/1439هـ

15/إبريل/2018م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق