بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2679)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
يُنقلُ عن بعضِ أهلِ العلم المعاصرين؛ أنّ الصناديقَ التي توضعُ في المساجد لجمعِ التبرعات، هيَ مِن عاداتِ النصارَى، عليه؛ فلا يجوزُ التشبهُ بهم في وضعِها، فهل هذا الكلامُ صحيحٌ؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن كانَ المقصودُ مِن وضع هذه الصناديقِ منفعة المسجد، أو منفعة المحتاجينَ؛ فإنه مِن التعاون على البرِّ والتقوى، والله تعالى يقول: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة:2]، وقد خطب صلى الله عليه وسلم العيد ووقفَ على النساءِ، فأمرهنَّ بالإنفاقِ، ووعظهنَّ، وذكرهنّ أنّ أكثرَ أهلِ النارِ مِن النساءِ، فتصدقْنَ؛ فبسطَ بلالٌ ثوبَه، فجعلَ النساءُ يرمينَ حليهنَّ في ثوبِ بلالٍ [البخاري: 98/ مسلم: 885]، فثوب بلالٍ هنا بمثابةِ الصندوقِ، ولمّا جاءَ الأعرابُ مِن مضر، تمعَّر وجهُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لِمَا رأى بهم من الفاقة والفقر، ثم خطبَ صلى الله عليه وسلم ، وحثّ الناسَ على الإنفاق، فجاءَ رجلٌ مِن الأنصارِ بصُرةٍ كادت كفه تعجزُ عنها، بل قدْ عجزتْ، ثم تتابعَ الناسُ، حتّى رأيتُ كَومَينِ مِن طعامٍ وثيابٍ [مسلم: 2398]، وكلّ هذا كانَ في المسجدِ.
والقاعدةُ الشرعية تنصّ على أنَّ للوسائلِ أحكامَ المقاصدِ.
عليه؛ فإنّ لهذهِ الصناديقِ أصلًا في الشرعِ، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
غيث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
30/المحرم/1437هـ
2015/11/12م