مقالة لمفتي عام ليبيا : (المحاسبة على التقصير، أم المكافأة؟!!)
بسم الله الرحمن الرحيم
المحاسبة على التقصير، أم المكافأة؟!!
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛
فإن التباطؤ في اتخاذ القرار، وعدم محاسبة الشطار؛ لهو خيبة في المؤمَّل، وعامل من عوامل الإحباط والتململ.
خذ مثلا ما حصل في المؤتمر الوطني من اقتحامات، على أيام متتالية، وبعضها كان مصحوبا بالسلاح.
ما الذي جعل الجرحى يلجؤون إلى هذا الأسلوب؟
المؤتمر الوطني يفترض ألا يكون هو الجهة المختصة، المسؤولة عن وصول الحقوق إليهم.
الحكومة هي المسؤولة عن ذلك، وهي التي تسائل الوزير المختص؛ لماذا لم تصل إليهم حقوقهم؟ إن كانت لهم لديها حقوق، وإذا لم تفعل، فعلى المؤتمر الوطني أن يسائل الحكومة، ويسائل الوزير المختص عن التقصير، إن كان هناك تقصير.
غياب هذا الإجراء المعتاد، المتعارف عليه لدى كل الحكومات، وعدم المساءلة والمحاسبة، هو الذي يُوجِد حالةً من الفوضى، تشلّ حركة الدولة، وتعطل إصدار قراراتها، وبذلك تتأخر مصالح الناس، ويزيد الاحتقان، ويدب اليأس.
ثم انظر ما ينتج عن مثل هذه الاقتحامات؟ المؤتمر يضطر تحت الضغط والتهديد، إلى الاستجابة للطلبات، حتى لو لم تكن من اختصاصه، وعندما يحصل هذا الأمر ولو مرة، يكون سنَّةً، يستحسنها كل من يريد أن ينتزع شيئا من المؤتمر أو الحكومة بالقوة!!
الدولة عليها أن توصل للناس حقوقهم في أوقاتها، وتحاسب المقصر والمتأخر عن أدائها لأصحابها، ثم بعد ذلك عليها أن تفرض القانون، وتفرض هيبتها، ولا تتعاطف مع أحد، أيا كان موقعه، ومهما كانت منزلته، على حساب شرعيتها، فلا أحد فوق القانون، وإلا فلِم قامت الثورة؟
أما عن المكافأة على التقصير!! فنخشى أننا بدأنا منذ نهاية المجلس الوطني الانتقالي، وتَعاقُب الحكوماتِ، نقترب مما كنا فيه، من يقصِّر، أو يفشل، أو حتى يختلس؛ يُكافأ، فهل تداوُلُ السلطةِ في مراكز اتخاذ القرار، صار معناه تداول الأدوار؟! والرجال هم الرجال!! ( مرة في اللجنة الشعبية، ومرة في الاتصال، ومرة في الداخلية، وأخرى في اللجان)، وهكذا دواليك، المهم أن يتداول المسؤول السلطة ويكون له مكان!!!
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
الأحد 29 ربيع الأول 1434 هـ
الموافق 10 فبراير 2013