مقال للمفتي بعنوان: هذه الحقوق ..(فأين حق الله؟)
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الحقوق ..(فأين حق الله؟)
ما مِن ناشطٍ حقوقيّ، أو إعلاميّ، أو مسؤولٍ، أو وزيرٍ، إلا ويتكلم عن الحقوق والحرياتِ بإسهاب…
وزيرُ الثقافة، اهتمامُه بالفنّ، والأدبِ، والمسرحِ…
وزيرُ العدلِ، اهتمامُه بحقوقِ الإنسان، وحقوق المرأة، والحقوق العامة…
وزيرُ الإعلام، حرية النشرِ وحرية النقدِ وحقّ التعبير…
الداخلية، حريةُ الاعتصاماتِ، وحقّ التظاهرِ، وحقّ فرضِ القانونِ…
حقٌّ واحِد لم يضمَّهُ أحدٌ إليه….. هو حق الله تعالى،
أينَ حقوقُ الله مِن هذهِ الحقوقِ التي تملأُ سمعَ الناسِ وبصرَهم كلّ يومٍ في الإعلام؟
أينَ الكلامُ على هويةِ الأمّة؟ الإسْلام !!
الصوتُ الإسلاميّ غائبٌ في الوزاراتِ، غائبٌ في المؤسساتِ، غائبٌ في الدعوةِ، غائبٌ في التوجيهِ.
وفي الجامعة؛ الثقافةُ الإسلاميةُ لم تعدْ إلى مدرَّجاتِ الجامعة،
نصوصُ السنّةِ النبويةِ المحذوفةِ من مقرّراتِ المراحلِ الأولى، لم تعُدْ إلى المقرّراتِ الدراسيةِ.
الأحكام في المحاكم؛ لا زالت تصدرُ بديباجَةِ القذافِي العلمانية.. (باسم الشعب!!(
قانونُ اغتصابِ العقاراتِ والأملاكِ رقم (4)، وما كان على شاكِلتِه، لا يزالُ ساريَ المفعولِ، ومخالفتُهُ يعاقِبُ عليها القانونُ.
وزارةُ الأوقافِ معطلةٌ منذُ أمدٍ طويلٍ.
دارُ الإفتاءِ ليسَ لها الحقُّ أن تقولَ أو تتكلَّم في أيِّ مسألةٍ مِن شؤونِ الحياةِ العامّة، ذاك أمرٌ مستَنْكَر، وتدخّلٌ في السّياسة !!
يقولون: ليستِ الفتوَى إلّا نصًّا مِن كتابٍ أوسنّةٍ، أمَّا المُستنبَطُ منهما، أومِن أيِّ مصدرٍ آخَرَ مِن مصادِرِ التشريعِ الإسلامِيّ،
بمَا فيها إجماعاتُ الفقهاءِ واجتهاداتهُم المضبوطةُ بقوانينِ الاجتهادِ؛
فهيَ رأْيٌ – حسبَ قولهم – لا يَخْتَلفُ في قيمتِهِ والتهوينِ مِن شأنِهِ عمَّا يقولُه القانونُ الفرنسيُّ أو المالطِيُّ،
ولَو تكلَّم عالِمُ فقْهٍ في الهندسَةِ، لقَالوا: ما شَأنُهُ بِهذا؟
الاختصاصُ لهُ حرمةٌ، ولا يُعارَضُ صاحِبُ الاختِصاصِ بالرَّأيِ.
هكذَا يكونُ التهوينُ مِن شأنِ الفقهِ الإسلامِيّ ومصَادِرِ تشريعِهِ من أهلِهِ المسلمين،
أمَّا الّذينَ عَرفُوا قيمتَه التشريعية الفَذَّةَ مِن أَعدَائِهِ؛ فَينْحنُونَ لَهُ تقديرًا وإجلالا، ويُشِيدونَ بِهِ ثناءً وعِرفانًا…
جمعيةُ الدعوةِ الإسلاميَّةُ تتأرجَحُ، يُلَوَّحُ لمَنْ يُسيِّرونَها بعدمِ الشرعيَّةِ، وتَحديدِ الصلاحيَّةِ؛ لأنَّها لجْنةٌ تَسْيِيرِيّةٌ، لاحقَّ لَها في اتخاذِ القراراتِ..
الدراساتُ الإسلاميّةُ في الجامِعاتِ محجَّمةٌ، محدودةُ الإمْكاناتِ، متواضِعَةٌ جدًّا، كما كانت قبْلَ الثورَةِ..
وزيرُ التعليمِ – أو التعليمِ العالِي – الذي ترتَفِعُ إلَيهِ الأنظارُ، وتتعَلّقُ بِهِ الآمالُ؛ يبدو – هوَ الآخر – أنَّ كلَّ ما يعنيهِ في أمرِ المَناهِجِ والخِططِ التعليميَّةِ لِمستقبَلِ ليبْيا؛
الحفاظُ على الماضِي بعُجَرِهِ وبُجَرِه..
ليسَ لهُ خطةٌ في تعليمٍ إسلامِيٍّ يرفعُ شأْنَ البلَدِ، ويجعلُهَا مَحَطَّ الأنْظارِ.
كلُّ الحقوقِ التي تتكلَّمُ عنها الحكومةُ والوزراءُ والإعلامُ والمجتمعُ المدنيُّ والدوليُّ؛ للمرأةِ، للإنْسانِ، للطِّفلِ، للحيوانِ… هي على الرأْسِ والعينِ، بشرْطٍ واحِدٍ؛
أن تكونَ محْكومَةً بحَقِّ اللهِ تعالَى، لا مُخالفَةً لحُكمِهِ وحُكمِ رسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، فإنَّ اللهَ تعالَى يقولُ: (وَاللهُ ورسولُهُ أَحقُّ أنْ يُرْضُوهُ إِن كانُوا مؤْمنِينَ..)
الصادق الغرياني
الجمعة 19 ربيع الآخر 1434 هـ
الموافق 1 مارس 2013 م