بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1817)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
تنازلت (ط)، عن جميع ما تملك من عقار ومنقول وحُلي، نصفها لأبناء وبنات ابنها المتوفَّى قبلها، وأما النصف الآخر فهو لبناتها الأربعة، ويشاركهم فيه أبناء ابنتها المتوفاة قبلها التي غرستهم في حياتها، كما هو موثق في عقد التنازل المرفق، فهل هذا التنازل يعد هبة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فبعد الاطلاع على العقد المرفق مع السؤال، تبين أن هذا التنازل من قبيل الهبة، ولم يذكر فيه هل حيزت أم لا؟، فمن شرط الهبة تمام الحيازة، وذلك بأن يتصرف الموهوب له في الهبة تصرف الملَّاك في حياة الواهب؛ كي تتحقق الحيازة الشرعية التي ينتقل بها الملك، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: (ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة، فإن مات قبل أن تحاز فهي ميراث) [الرسالة:117]، وفي الموطأ عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (إن أبا بكر الصديق كان نحلها جادّ عشرين وسقًا من ماله بالغابة، فلما حضرته الوفاة قال: والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلي غنًى بعدي منك، ولا أعز علي فقرًا بعدي منك، وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقا، فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك وأختاك، فاقتسموه على كتاب الله، قالت عائشة: فقلت: يا أبت، والله لو كان كذا وكذا لتركته، إنما هي أسماء، فمن الأخرى؟ فقال أبوبكر: ذو بطن بنت خارجة، أراها جارية) [الموطأ:2202].
والحيازة في العقار – من بيت ونحوه – تكون بتخليته للموهوب له، قال مالك رحمه الله: “من حبس على صغار ولده ـ يعني: أبناءه الصغار ـ دارًا، أو وهبها لهم، أو تصدق عليهم، فإن حوزه لهم حوز، إلا أن يكون ساكنا فيها كلها أو جلها حتى مات، فيبطل جميعها” [التاج والإكليل:639/7].
وعليه؛ فمن حاز من المذكورين ما وُهب له، أو ما تنازلت له الواهبة عنه، وتصرف فيه تصرف الملاك في حياة الواهبة، فهي هبة صحيحة نافذة شرعا، ومن لم يحز من العقار أو المنقول شيئا في حياة الواهب، فإن هذه الهبة غير نافذة شرعًا، ويدخلان في جملة التركة، وتقسم على كلّ الورثة، حسب الفريضة الشرعية، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الغرياني
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
3/جمادى الأولى/1435هـ
2014/3/4م