بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5238)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
تعاملت مع مكتب خدمات سفر وسياحة، على أن يحجز لي موعدًا للتقديم على تأشيرة تُركية، وتجهيزِ الملفات اللازمة لسبعة أشخاص، بأجرة 80 دينارًا عن كلّ واحد منهم، وأرسلت له صورَ الجوازات؛ ليأخذ منها البيانات المطلوبة للحجز، وعند ذهابي للموعد المحدّد للتّقديم على التأشيرة، لم يتمّ السماح لشخصين من السبعة بالتقديم، بحجّة أنّ اللقب المكتوب في ورقة الموعد غيرُ مطابق للمكتوب في جواز السفر، وذلك لعدم إدراج المكتب لمسافة -فراغ- في اللقب، مثل ما هو مكتوب بالجواز، وبعد العجز عن إقناع موظف السفارة لقبول النماذج بعد بذل الجهد الطويل معه لثلاث ساعات، اضطررت لدفع مبلغ 300 دينار عن كلّ واحد منهما؛ لإتمام المعاملة عبر خدمةٍ تسمّى (VIP) توفرها السفارة، لا تحتاج ترتيبَ موعد مسبق للتقديم؛ لكوني لا أستطيع تأجيل الموعد؛ لترتيبي للسفر في وقتٍ قريب، وهذا المبلغ الزائد الذي دفعته كان بسبب خطأ من مكتب الخدمات الذي جهز النماذج، فحصل خلاف بيني وبين مكتب الخدمات الذي جهز لي الموعد والملفّ، حول مَن يتحمل القيمة الزائدة التي نتجت عن خطئه، وتعذّر بأن الخطأ بسيط من جهته، وأن السفارة تتعمّد رفض المواعيد بأيّ حجّة؛ لتجبر الناس على دفع 300 دينار، وهو يرفض أن يتحمل هذه التكلفة، فهل هو شرعًا مطالبٌ بدفعها وتحمل خطئه؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالخللُ النّاشئُ عن مكتب السفر والسياحة، إن كان له تأثيرٌ في إلغاء موعد المتقدِّم للحصول على التأشيرة، حسب المتعارف عليه في الإجراءات المتبعة لذلك؛ فالمكتب مسؤولٌ عن خطئه، وما ترتب عليه من تكاليف إضافيّة على المسافر؛ لأنّ العمد والخطأ في أموالِ الناس سواء، ومكاتب السفر التي تُنَصِّب نفسها للعمل لعامة الناس، سواء في تجهيز الملفات وحجز المواعيد للتأشيرات أو في غير ذلك من الأعمال، لها حكم الصنَّاع في إلزامهم بالضمان، قال ابن فرحون رحمه الله: “وَمِنَ السِّيَاسَةِ الشّرْعِيَّةِ: القَضَاءُ بِتَضْمِينِ الصُّنَّاعِ وَشِبهِهِمْ، وَالصّناعُ ضَامِنُونَ لِمَا استُصنِعُوا فِيهِ، إِذَا نَصّبُوا أَنْفُسَهَمْ لِذَلِكَ، سَواءٌ عَمِلُوا ذَلِكَ بِأَجْرٍ، أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ” [التبصرة: 353].
وعليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فالمكتب ملزم بتحمّل التكاليف الإضافية الناشئة عن خطئه؛ لأن تشديد السفارات في مطابقة بياناتِ المسافرِ مع المكتوب في جواز السفر؛ أمرٌ متعارفٌ عليه، والتعاقد مع المكتب وقعَ على تجهيز الأوراق، وعلى توفير موعدٍ في الوقت المحدّد، فإذا صدر منه خطأٌ في الإجراءات، ترتّبَ عليه عدم إمكان التقديم في الموعدِ إلا بغرامة زائدة؛ وجبَ عليه تحمّلها تتميمًا للعقد، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الرحمن بن حسين قدوع
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
29//ذي الحجة//1444هـ
17//07//2023م