بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3774)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
تنازل أب لأحد أبنائه عن قطعة أرض، على سبيل الصدقة والتبرع، فقبلها الابن وحازها، وبنى عليها بيتا، وسجلها بالسجل العقاري، كل ذلك أثناء حياة والده، ولم ينازعه أحد من إخوته في شيء من ذلك، واستمر الأمر بعد وفاة والده، ثم وقَعَت تسوية مناقلة بين أبناء المتنازِل – ومنهم المتنازَل له – وعمِّهم، في بعض الأراضي غيرِ تلك القطعة، حيث حُدِّد ما لهم وما لعمِّهم، وتم ذكر قطعة المتنازَل له ضمن ما لأبناء المتنازِل، وكان المتنازَل له من الموقعين على التسوية، فرأى إخوته أن قطعة الأرض أصبحت بتوقيعه على التسوية محلَّ إرث، وأن التنازل والصدقة لاغية، فهل التنازل عن القطعة ماضٍ وصحيح، أم أنها أصبحت إرثا يُقسم بين الورثة جميعا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن من شرط الهبةِ أن يحوزها الموهوب له في حياة الواهب، قال ابن أبي زيد رحمه الله: “وَلاَ تَتِمُّ هِبَةٌ وَلاَ صَدَقَةٌ وَلاَ حُبُسٌ إِلاَّ بِالحِيَازَةِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تُحَازَ فَهْي مِيرَاثٌ” [الرسالة:117] والحيازة كما قال أبو الحسن المنوفي رحمه الله: “هيَ وَضْعُ اليَدِ وَالتَّصَرُّفُ فِي الشَّيْءِ المحَوُزِ كتَصَرُّفِ الماَلِكِ في ملكِهِ بالبِنَاءِ والغَرْسِ والْهَدْمِ وَغَيْرِهِ مِن وُجُوهِ التَّصَرُّفِ” [كفاية الطالب الرباني:2/482].
عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر في السؤال، فالتنازل صحيحٌ ماضٍ، ولا تدخل قطعة الأرض في الميراث بتوقيع المتنازَل له على تسوية غيرِ داخلة فيها؛ لأن الملك الثابت لا ينتقل إلا برضى مالكه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) [النسائي:11325]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
30//جمادى الأولى//1440هـ
05//02//2019م