طلب فتوى
التبرعاتالصلاةالعباداتالفتاوىالمساجدالمعاملاتالوقف

هدم خلوة كانت مسجدا وبناء بيت للإمام عليها

تغيير شرط الواقف

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4491)

 

السادة المحترمون/ اللجنة المشرفة على جامع السطوات.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة، وبعد:

فبالنظر إلى مراسلتكم، المتضمنة السؤال عن حكم هدم خلوة النساءِ، التي كانت مسجدًا، وبناء مسكن للإمام عليها؟ علما أن هذه الخلوة كانت مسجدًا، ثم انتقل المسجد إلى الجهة المقابلة في قطعة أرض أكبر، والآن سيتم توسيع المسجد، ويشمل خلوة خاصة للنساء.

الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فالأصل أن المسجد حبس لا يتصرف فيه بتغيير أو تعطيل؛ لقول الله عز وجل: ﴿فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 181]، قال المواق رحمه الله: “(وَاتُّبِعَ شَرْطُهُ إِن جَازَ)، قال ابْنُ الْحَاجِبِ: مَهْمَا شَرَطَ الْوَاقِفُ مَا يَجُوزُ لَهُ اتُّبِعَ” [التاج والإكليل: 7/649]، أما بعد الوقوع والنزول، فإن استغني عن خلوة النساء (المسجد القديم) بالمسجد الجديد، والخلوة الجديدة، وتُيُقِّنَتْ عدم عمارة القديم مسجدًا من جديد، بسبب كفاية المسجد الجديد للناس، وتحققت حاجة الناس إلى هذا المكان ليكون مسكنًا للإمام، ورأت اللجنة المشرفة على المسجد أن المصلحة متحققة في ذلك، فيجوز ذلك، تقليدًا لقول بعض أهل العلم من المالكية وغيرهم، وعملًا باجتهاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد أخرج الطبراني في الكبير، عن القاسم قَالَ: ” قَدِمَ عَبْدُ اللهِ وَقَدْ بَنَى سَعْدٌ الْقَصْرَ، وَاتَّخَذَ مَسْجِدًا فِي أَصْحَابِ التَّمْرِ، فَكَانَ يَخْرُجُ إِلَيْهِ فِي الصَّلَوَاتِ، فَلَمَّا وَلِيَ عَبْدُ اللهِ بَيْتَ الْمَالِ نَقَبَ بَيْتَ الْمَالِ، فَأَخَذَ الرَّجُلَ، فَكَتَبَ عَبْدُ اللهِ إِلَى عُمَرَ، فَكَتَبَ عُمَرُ: (أَنْ لَا تَقْطَعْهُ، وَانْقُلِ الْمَسْجِدَ، وَاجْعَلْ بَيْتَ الْمَالِ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، فَإِنَّهُ لَا يَزَالُ فِي الْمَسْجِدِ مَنْ يُصَلِّي)، فَنَقَلَهُ عَبْدُ اللهِ وَخَطَّ هَذِهِ الْخُطَّةَ” [معجم الطبراني: 8949]، وقال المواق رحمه الله: “فِي الطُّرَرِ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْغَفُورِ: لاَ يَجُوزُ بَيْعُ مَوَاضِعِ الْمَسَاجِدِ الْخَرِبَةِ؛ لِأَنَّهَا وَقْفٌ، وَلاَ بَأْسَ بِبَيْعِ نُقْضِهَا إِذَا خِيفَ عَلَيْهِ الْفَسَادُ؛ لِلضَّرُورَةِ إِلَى ذَلِكَ، وَتَوْقِيفُهُ لَهَا إِن رُجِيَ عِمَارَتُهَا أَمْثَلُ، وَإِن لَمْ يُرْجَ عِمَارَتُهَا بِيعَ، وَأُعِينَ بِثَمَنِهَا فِي غَيْرِهِ، أَوْ صُرِفَ النُّقْضُ إِلَى غَيْرِهِ، وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ إِن فُقِدَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، وَلَمْ تُرْجَ لَهُ عِمَارَةٌ، أَنَّهُ يُبَاعُ أَصْلُهُ، وَيُنْفَقُ فِي أَقْرَبِ الْمَسَاجِدِ إِلَيْهِ، وَهْوَ شَبِيهٌ بِمَا قِيلَ فِي الْفَرَسِ الْمُحَبَّسِ يَكْلَبُ، وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ مَزِينٍ أَنَّهُ يُؤْخَذُ نُقْضُهُ، وَيُنْتَفَعُ بِهِ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ، وَيُتْرَكُ مَا يَكُونُ عَلَمًا لَهُ؛ لِئَلَّا يُدْرَسَ أَثَرُهُ، وَنَحْوهُ حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَن غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ” [التاج والإكليل: 7/662]، وفي مسائل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ، قال صالح بن أحمد رحمه الله: ” قُلْتُ لِأَبِي: الْمَسْجِدُ يَخْرَبُ وَيَذْهَبُ أَهْلُهُ؛ تَرَى أَن يُحَوَّلَ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ؟ قَالَ: إِذَا كَانَ يُرِيدُ مَنْفَعَةَ النَّاسِ فَنَعَمْ، وَإِلاَّ فَلَا” [ص405]، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشريف

 

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

15//رمضان//1442هـ

27//04//2021م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق