هل الأفضل في تلاوة القرآن الكثرة مع سرعة القراءة أم التدبر مع قلة المتلو؟
هل تخصيص القراءة مع التدبر بالصلاة أمرٌ مبتدع؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3878)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
يُقبل الناس في رمضان على قراءة القرآن، فهل الأفضل في تلاوة القرآن الكثرة مع سرعة القراءة، أم التدبر مع قلة المتلو؟ وهل تخصيص القراءة مع التدبر بالصلاة أمرٌ مبتدع؟
الجواب:
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن من الآداب التي يستحب مراعاتها عند تلاوة القرآن التأني في قراءته، وتدبر معانيه، وترتيله على صورة لا تخل بأحكامه؛ قال تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء:82]، وقال تعالى: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل:4]، قال القرطبي رحمه الله: “أَيْ لَا تَعْجَلْ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بَلِ اقْرَأْهُ فِي مَهَلٍ وَبَيَانٍ مَعَ تَدَبُّرِ الْمَعَانِي، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: اقْرَأْهُ حَرْفًا حَرْفًا، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَحَبُّ النَّاسِ فِي الْقِرَاءَةِ إِلَى اللَّهِ أَعْقَلُهُمْ عَنْهُ، وَالتَّرْتِيلُ التَّنْضِيدُ وَالتَّنْسِيقُ وَحُسْنُ النِّظَام” [الجامع لأحكام القرآن: 19/31].
فالقراءة بتأنٍّ وتدبرٍ وإن قلَّ المتلوُّ خيرٌ مِن القراءة بسرعةٍ وهذرمةٍ، نقل النووي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “لأنْ أقرأ سورة من القرآن أحب إلي من أن أقرأ القرآن كله، وعن مجاهد أنه سئل عن رجلين قرأ أحدهما البقرة وآل عمران والآخر البقرة وحدها وزمنهما وركوعهما وسجودهما وجلوسهما واحد سواء، فقال: الذي قرأ البقرة وحدها أفضل” [التبيان في آداب حملة القرآن:89].
وأما تخصيص التدبر بالصلاة فقط فخطأ؛ لأن النصوص عامة، في الصلاة وفي غيرها، هذا إن زعم أن النصوص خاصة، أمّا إن فعله مِن غير اعتقاد، فهو تارك لأمر مستحبٍّ، ينبغي عليه ألا يتركه.
وعليه؛ فالأولي قراءة القرآن بتأنٍّ وتدبر في الصلاة وغيرها، والله أعلم.
وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
02/رمضان/1440هـ
07/05/2019م