بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4944)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
اشتريتُ مزرعة سنة 1999م، وكتبتُها لأولادي، وكتبتُ كذلك جميع أملاكي لأبنائي الذكور، ببيعٍ صوري؛ خوفًا من الدولة في ذلك الوقت، وأريدُ حاليًّا استرجاع هذه الأملاك؛ لأوزعها على الأبناء والبنات؛ لحاجتهم الماسة إلى المساعدة، فما حكم ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإذا ثبت بالقرائن الدالةِ؛ أنّك ما كتبتَ أملاكك لأبنائك إلّا مخافَة نزعها منكَ، بسبب القانونِ الظالم، الذي كان معمولًا به في النظامِ السابق، عُدَّ ذلك إكراهًا، لا يثبتُ معه ملكٌ لأبنائكَ حالَ حياتهم، ولا لورثتهم بعد موتِهم، وقد نصّ الفقهاءُ على أن التهديدَ بأخذِ المالِ من أنواع الإكراهِ، التي لا تصحُّ معها التصرفاتُ المالية، قال خليل رحمه الله: “أَوْ أُكْرِهَ … بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ؛ مِنْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ سَجْنٍ أَوْ قَيْدٍ أَوْ صَفْعٍ لِذِي مُرُوءَةٍ بِمَلَإٍ أَوْ قَتْلِ وَلَدِهِ أَوْ لِمَالِهِ” [مختصر خليل: 115].
عليه؛ فلك أن تسترد البيع الصوري الذي بعته لأولادك خوفا من القوانين الظالمة، وتعيد قسمته إذا أردت ذلك، وإذا أعدت القسمة فهي من قبيل الهبة، ولا بد أن يحوزها أولادك ويتصرفوا فيها تصرف الملاك، بحيث تخرجها تماما من يدك، فإن لم تتم الحيازة من بعض الورثة حتى مات الواهب فمن حاز منهم صحت هبته، ومن لم يحز بطلت هبته ورجعت ميراثا، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: “وَلَا تَتِمُّ هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا حُبُسٌ إِلاَّ بِالْحِيَازَةِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تُحَازَ فَهِيَ مِيرَاثٌ” [الرسالة: 117]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
24//محرم//1444هـ
22//08//2022م