طلب فتوى
التبرعاتالزكاةالعباداتالفتاوىالمعاملاتالوقف

هل الصدقة بما يفيد التأبيد هي من الحبس؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5015)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

جاء في وثيقة ما نصه: “أن س ع … أشهد على نفسه أنه تصدق على ابنه م  ثمانية أقرط ونصف القيراط، داخلة يده بالإرث من أخيه ص… (وذكر حدودها) … الكائن مكانها بجودايم … وبذلك تصدق س ع المذكور وسلم الصدقة لابنه م المذكور، واشتغل بالخدمة وأكل الثمار، ومعه في أكل الثمار ابنة عمه خ بنت ص، يأكلون ويستغلون في الثمار بينهم سواء لهم ولنسلهم وعقبهم دون غيرهم من الذرية ما داموا بقيد الحياة، وبينهم الألفة وإذا وقع بينهم نزاع أو طلاق ولم يكن لهم عقب من الذكور رجعت الصدقة خاصة صدقة وهبة صحيحة لا نزاع فيها ولا غلو، وحصل بينهما الإيجاب والتسليم، وهما في ذلك على السنة والسلامة والمرجع أن لزم شرعاً…”، فما حكم الشرع في هذه الوثيقة؟ مع العلم أنّ المتصدَّق عليه قد حصلت له ذرية من زوجته، ثم توفيت زوجته وتزوج غيرها، وأنجب منها ذرية.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن الصدقة بما يفيد التأبيد هي من الحبس، وتأخذ أحكامه، قال الحطاب رحمه الله: “… قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَحَبَسْت وَتَصَدَّقْت إنْ اقْتَرَنَ بِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّأْبِيدِ مِنْ قَيْدٍ أَوْ جِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ تَأَبَّدَ” [مواهب الجليل :28/6]، وقول المتصدق في هذه الوثيقة: (ولنسلهم وعقبهم دون غيرهم من الذرية) قيدٌ يفيد التأبيد.

وعليه؛ فإن ما في الوثيقة هو من الحبس، ولا يجوز التصرف فيه بأي نوع من أنواع التصرفات؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه، في أرض أراد أن يُحبِّسها: (… لاَ يُبَاعُ، وَلاَ يُوهَبُ، وَلاَ يُورَثُ) [البخاري: 2764]، وهو حبس على الابن المذكور وزوجته وعقبهم دون غيرهم، ولا يدخل عقبه من زوجته الأُخرى، وينتفع به الموقوف عليهم بالسواء على عددهم؛ الذكر مثل الأنثى، قال ابن رشد رحمه الله: “قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا قَالَ: مَنْ حُبِّسَ عَلَيْهِ وَعَلَى عَقِبِهِ، وَلِعَقِبِهِ وَلَدٌ فَهُم مَعَ آبَائِهِمْ فِي الُحُبُسِ بِالسَّوَاءِ، إِلاَّ أَنَّهُ يُفَضَّلُ ذُو الْعِيَالِ بِقَدْرِ عِيَالِهِ، لاَ يَكُونُ الآبَاءُ أَوْلَى مِنَ الأَبْنَاءِ، وَالذكَرُ وَالأُنثَى فِيهِمْ سَوَاءٌ” [البيان والتحصيل: 212/12]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الدائم بن سليم الشوماني

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

03//ربيع الآخر//1444هـ

30//10//2022م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق