هل للولد الحق في استرجاع ما أنفقه في صيانة بيت أبيه بعد وفاته؟ وكيف يتم ذلك؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5203)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
سكنت مع والدي في شقة ببيته، المكون من ثلاث شقق، وفي عام 2013 م أجريت لها صيانة دون الشقتين الأُخرَيَيْنِ، جددتُ بها مرافق الشقة، وأنفقت فيها 130 ألفًا، ولم يكن ببالي أن ما أنفقته في الصيانة هو دَيْنٌ لي على الوالد، وانتقل الوالد بعد ذلك إلى مدينة أخرى، فعرضتُ عليه أن أشتري البيت، أو أنتقل لمسكن خاص بي، فرفضَ وأصرَّ على بقائي، وقد توفي الوالد رحمه الله عام 2022 م، ونريد الآن بيع المنزل وقسمة التركة، فهل لي استرجاع قيمة ما صرفتُه على الصيانة قبل تقسيم الميراث؟ لا سيما أن الصيانة زادت من ثمن البيت؟ وإن كان لي أخذ ما أنفقتُه في الصيانة، فهل آخذ نفس المبلغ الذي أنفقته، أم آخذ ما يساوي قيمته الآن؛ نظرًا للتضخم الذي أصاب الدينار الليبي؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن صيانة الولد شقةَ أبيه بإذنه وبعلمه، يستحق بها قيمة الصيانة يوم القسمة؛ لأنه في حكم من بنى في أرض غيره بإذنه، وفيه ينقل ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله عن مطرف وابن الماجشون رحمهما الله قولهما: “قَالَ مَالِكٌ رحمه الله: وَكُلُّ مَنْ بَنَى فِي أَرْضِ قَوْمٍ أَوْ غَرَسَ بِإِذْنِهِمْ أَوْ عِلْمِهِمْ فَلَمْ يَمْنَعُوهُ فَلَهُ قِيمَةُ ذَلِكَ قَائِمًا كَالبَانِي بِشُبْهَةٍ” [النوادر والزيادات: 10/ 465]، ونقل الزرقاني رحمه الله عن ابن حبيب رحمه الله في المكـتري يصلح شيئًا من بيت المكري، قال: “إِلاَّ أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِهِ فَيَأُخُذُهُ بِقِيمَتِهِ قَائِمًا” [شرح الزرقاني: 7/ 96].
وعليه؛ فإن الولد يستحق قيمة ما أنفقه في صيانة الشقة قبل قسم التركة، وتُعرف القيمة بتقويم سعر المنزل بالصيانة وسعره بغير صيانة، فما زادته الصيانة في سعر المنزل يأخذه الولد، ثم يدخل مع سائر الورثة في الميراث، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
عبد الرحمن بن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
15//ذو القعدة//1444هـ
05//06//2023م