بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3811)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
طلقت زوجتي وأنا مريض بالزكام، وفي حالة غضب، وعندما سعيت لإرجاعها اشترطت هي وأخوها مهرا جديدا، مع التعهد أمام محرر العقود بعدم ضربها في المستقبل، وعرض نفسي على طبيب نفسي، علما بأن هذا هو الطلاق الثاني، والزوجة لا تزال في العدة، ولي منها ثلاثة أبناء، فهل الطلاق واقع، وهل يجب تنفيذ ما اشترطاه؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الطلاق في المرض نافذ، قال ابن شاس رحمه الله” :وَطَلَاقُ الْمَرِيضِ كَطَلَاقِ الصَّحِيحِ فِي النُّفُوذِ” [عقد الجواهر الثمينة: 523/2]، ولا تأثير للغضب ما لم يُغيِّب العقل قال الصاوي رحمه الله: “يَلْزَمُ طَلَاقُ الغَضْبَانِ وَلَوِ اشْتَدَّ غَضَبُهُ، خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يَغِبْ عَقُلُهُ، بِحَيْثُ لاَ يَشْعُرُ بِمَا صَدَرَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ كَالْمَجْنُونِ” [بلغة السالك 351/2].
عليه، فإن كان الحال كما ذكر في السؤال فالطلاق واقع، وهو رجعي، يجوز لك أن ترجع زوجتك فيه إلى عصمتك، ما دامت في العدة؛ ولا يحقّ لها أو لأخيها منعك؛ لأن الرجعة في العدة حقٌّ للزوج، ولا يشترط في صحتها علمُ الزوجةِ، ولا رضاها، ولا علمُ أهلها، قال تعالى: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا﴾ [البقرة:228]، وليس عليك تنفيذ ما اشترطاه من المهر الجديد، قال ابن عبد البر رحمه الله: “إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ الطَّلَاقَ الَّذِي أَذِنَ اللهُ لَهُ فِيهِ؛ فَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا، مَا دَامَت فِي عِدَّتِهَا، وَإِن كَرِهَتْ، دُونَ صَدَاقٍ، وَلاَ وَلِيٍّ” [الكافي:2/617].
وعليك بحسن العشرة، ومعاملة زوجتك معاملة حسنة بعيدا عن الضرب والشتم والهجران بغير حق، وأن تنتبه لنفسك، وتتجنب الطلاق سواء في الغضب أو غيره؛ لأنك إذا طلّقت مرة أخرى فإنّ المرأة تحرم عليك، ولا تحلّ لك إلا بعد الزواج بآخر، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
19/جمادى الآخرة/1440هـ
24/02/2019م