هل يجب الامتثال للحكم القضائي بعد النقض في إبطال حقوق قد حكم بها؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3868)

السيد/ رئيس لجنة الإدارة بشركة ق. س. ط

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة، وبعد:

فبالإشارة إلى مراسلتكم، المتضمنة طلبكم الحكم الشرعي، في الرجوع على العاملين بالمبالغ المالية التي حجزوها من حسابات الشركة، بعد صدور حكم أولي لصالحهم مقرونا بالتنفيذ المعجل، في الدعاوى التي رفعوها ضد الشركة للمطالبة بحقوق مالية، ذلك أن الحكم النهائي صدر من المحكمة العليا لصالح الشركة، ناقضًا للحكم الأولي وكل الآثار المترتبة عليه، فما حكم احتفاظ العاملين بهذه الأموال؟ وما حكم الرجوع عليهم بها خصما لربع المرتَّب كما هو المعمول به قانونًا؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ نقض حكم الدرجة الأولى في المحاكم بأحكام المحكمة العليا يعدّ مشروعًا، إذا كان نقضه يرجع إلى مخالفة الحكم الأول؛ لما تقتضيه النصوص التي تحفظ الحقوق لأصحابها، وعليه؛ فيجب العمل بحكم المحكمة العليا، الذي أبطل حكم الدرجة الأولى، ولا يجوز للعاملين الاحتفاظ بهذه الأموال، بعد صدور حكم المحكمة العليا، ناقضًا للحكم الأولي باستحقاقهم لها؛ لأنه من أكل أموال الناس بالباطل، قال الله تعالى: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [النساء:29]، وقال صلى الله عليه وسلم: (وَاللهِ لاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا بغَيْرِ حَقِّهِ إِلاَّ لَقِيَ اللهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ) [البخاري:6492]، وعليهم ردها لملك الشركة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيه) [أحمد: 20086 ].

فينبغي للعاملين الامتثال لحكم القضاء، الذي نصّ على عدم استحقاقهم لها، وذلك بردها للشركة، وللشركة استرجاعها خصما لربع المرتب وفقًا للقانون، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشريف

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

03/شعبان/1440هـ

08/04/2019م