بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3869)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
اقترض كل من (م)، و(ن) من أخيهما (ع) سنة 1954م مبلغًا قدره (450 جنيها)، وقاما برهن حصتيهما من بيت سكناهما في نظير القرض، ثم توفيا ولم يقضيا الدين، فما حكم بيع الورثة للبيت، وكيف يقضى الدين؟
الجواب:
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن هذا الرّهنَ من قبيل رهن المشاع، وهو صحيح، ولا يتم إلا بحيازة المرتهن له، وإلا فهو باطل، قال ابن القاسم رحمه الله: “فِي رَجُلٍ ارْتَهَنَ نِصْفَ دَارٍ مِنْ رَجُلٍ وَتَكَارَى الرَاهِنُ النِّصْفَ الآخَرَ مِنْ شَرِيكِهِ (قَالَ): أَرَى رَهْنَهُ فَاسِدًا حِينَ سَكَنَ فِيهِ الرَّاهِنُ لِأَنّهُ إِذَا لَمْ يَقُم الْمُرْتَهِنُ بِقَبْضِ نِصْفِ الدَّارِ وَتَقَاسَمَهُ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ سَاكِنًا فِي نِصْفِ الدَّارِ وَالدَّارُ غَيْرُ مَقْسُومَةٍ فَصَارَ الْمُرْتَهِنُ غَيْرَ حَائِزٍ لِمَا ارْتُهِنَ” [المدونة الكبرى:14/296].
أما قضاء الدّين المترتّب بالجنيهات التي عدمت، فيكون بالقيمة يوم الحكم به أو طلبها، وقد سُئل العلّامة حسين بن إبراهيم المغربيّ عنها فقال: “… فَالوَاجِبُ الْقِيمَةُ، وَتُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ، وَالظَّاهِرُ أَنّ طَلَبَهَا ِبمَنْزِلَةِ التَّحَاكُمِ، وَحِينَئِذٍ فَتُعْتَبَرُ القِيمَةُ يَوْمَ طَلَبِهَا، فَيَدْفَعُ لَهُ قِيمَتَهَا بِعَيْنٍ مِمَّا تَجَدَّدَ وَظَهَرَ …” [قرة العين : 203]، وكيفية معرفة القيمة في هذه الحالة إذا كان أصحاب الدين يطلبونه الآن في الوقت الحاضر بأن يقال كم كانت 450 جنيها تشتري من السلع عروضا أو حيوانات في ذلك الوقت، فإن قيل كانت تشتري عشرة من الشياه يقال: كم نحتاج الآن من العملة الرائجة في هذا الوقت لشراء عشرة من الشياه؟ فإن كانت خمسة آلاف مثلا تكون هي قيمة الدين، وهي الخمسة آلاف.
عليه؛ فإن كان الحال ما ذكر، فإن الرهن يعدّ باطلا؛ لبقائه في حوز الراهن، وللورثة حق التصرف في البيت، كما يجب عليهم قضاء الدين من التركة قبل قسمتها، بقيمته – كما تقدم حسابه – من العملة الحالية أو الذهب والفضة، والله أعلم.
وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
سمير مصباح بن صابر
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
03/شعبان/1440هـ
08/04/2019م