هل يجوز إعطاء دروس وعظيةٍ يوم الجمعة قبل الخطبة، وعند تجمع المسلمين في المآتم؟
ما حكم إقامة الولائم في المآتم؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3822)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
هل يجوز إعطاء دروس وعظيةٍ يوم الجمعة قبل الخطبة، وعند تجمع المسلمين في المآتم؟ وما حكم إقامة الولائم في المآتم؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن إلقاء الدروس من أجل تعليم الناس وإفادتهم في أمر دينهم أمرٌ محمودٌ، وهو من أهم وسائل الدعوة، فإذا كان هذا هو الغرض فهو مشروع، قبل خطبة الجمعة وبعدها، وفي كلِّ وقت، وقد ثبت التدريس قبل الجمعة عن بعض السلف، وأما ما جاء من النهي عن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة، فهو حديث مختلفٌ في صحته وفي تفسيره على عدة أقوال، أرجحها أن المراد به النهي عن التحلق للحديث في أمور الدنيا، ويؤيد هذا التأويل رواية ابن خزيمة رحمه الله: (نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ التَّحَلُقِ لِلْحَدِيثِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ) [صحيح ابن خزيمة:1242]، ورواية ابن أبي شيبة رحمه الله: (نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحِلَقِ لِلْحَدِيثِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ) [المصنف:5408]، ومما يؤيد ذلك أيضا سياق الحديث، حيث قُرن التحلق بالبيع والشراء، وتناشد الأشعار، ونشدان الضالة، وكلها تجتمع في كونها دنيوية، يحدث بتعاطيها اللغط والاضطراب، فظهر أن المقصود صيانة المساجد عمّا لم تُبنَ له، وتنزيهها عمّا لا يليق بها.
أما استدعاء الواعظ للمآتم، فإن كان يرسخ عادةَ الاجتماعِ عند أهل الميت وإقامة الولائم، فالأولى تركُهُ سدًّا للذريعة؛ وإلّا فلا بأسَ به.
وأما إقامة الولائم في المآتم والاجتماع لها، فقد ورد النهي عنه، ففي حديث جرير ابن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: “كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنْ النِّيَاحَةِ” [مسند أحمد:6905]، قال الدسوقي: “وَأَمَّا جَمْعُ النَّاسِ عَلَى طَعَامِ بَيْتِ الْمَيِّتِ فَبِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ” [حاشية الدسوقي على الشرح الكبير:1 /419]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
26/جمادى الآخرة//1440هـ
03//03//2019م