طلب فتوى
البيعالفتاوىالقرضالمعاملات

هل يجوز التصالح على دفع قيمة دين قديم بسبب التضخم؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4967)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

قمتُ ببيع أرضٍ مساحتها 1200م2، بسعر قدره مائةٌ وعشرون ألفَ دينار، سنة 1990م، فدفع المشتري إليّ تسعينَ ألفًا فقط، وبقيتْ ثلاثون ألفًا لم يدفعها، وفي عام 2020م جاءني ليدفعَها، فرفضتُ؛ لتغيرِ أسعار الأرض، ولأنّ قيمتها لم تعدْ كالسابقِ، وطلبت منه بدلًا مِن ذلك ربعَ الأرضِ، فما الحكمُ؟

الجواب:

الحمدُ لله، والصّلاةُ والسّلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فإنّ البيعَ إذا انعقدَ بين المتبايعين صحيحًا لازمًا، انتقلَ ملك المبيع بموجَبه إلى المشتري، وصارَ الثمن دينًا في ذمته للبائع، والديون يجب دفعها عند حلول أجلها المتفقِ عليه، ولا يجوز للمدينِ إذا كان قادرًا مماطلةُ الدائنِ في دَينه، ويأثمُ بذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلمٌ) [البخاري: 2166]، وقوله: (ظلمٌ) يدلّ على أن مماطلة الغني في قضاء الدين كبيرةٌ من كبائر الذنوبِ، تُحلُّ عرضَهُ وعقوبتهُ كما جاء في بعض الروايات.

عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فلا يجوز أن يفرضَ البائع على المشتري أن يُرْجِعَ لَهُ ربعَ الأرض، أو يفرض عليه الزيادة على الدينِ باعتبارِ أنّ قيمة الأرض تغيرت، فإن رضي المشتري أن يقيل البائع ويرد إليه ربع الأرض فله ذلك دونَ إجبار، وهذا كله في الأحوال المعتادة التي لم يكن فيها التغير في قيمة الدين فاحشا، أما إذا كان التغير فاحشا في قيمة الدين بين وقت البيع ووقت سداد الدين كما في السؤال الوارد فالواجب على المشتري أن يرضيَ البائع، ويتصالح معه على إعطائهِ بالمعروف ما يتقاسمان فيه الضرر، بأن يتفقَا على قدرٍ من المال، زيادةً على القدر المتبقي من الثمن الأصلي (الثلاثون ألفا) يتراضيانِ عليه، من باب التصالح الذي يحصل به إبراءُ الذمم من الطرفين؛ لأن الثمن الأصلي مقارنة بقيمة الوقت بخسٌ ونقصانٌ، وفيه إضرار كبير بالدائن، حيث تغيرت القيمة سلبا في الوقت الحاضر إلى أكثر من عشرين ضعفا، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم 231 (24/2): “عِنْدَ حُصُولِ التَّضَخُّمِ الْفَاحِشِ بَعْدَ نُشُوءِ الدَّيْنِ لاَ مَانِعَ مِنِ اتِّفَاقِ الدَّائِنِ وَالْمَدِينِ عِنْدَ السَّدَادِ عَلَى رَدِّ الدَّيْنِ بِالْقِيمَةِ أَوْ تَوْزِيعِ الضَّرَرِ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ صُلْحاً، وَيَجُوزُ إِمْضَاؤُهُ قَضَاءً أَوْ تَحْكِيماً”، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الدائم بن سليم الشوماني

عبد العالي بن امحمد الجمل

 

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

18//صفر//1444هـ

14//09//2022م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق