هل يجوز للجد اعتصار هبته لحفيده؟
الهبة بعد حيازة الموهوب له ماضية نافذة لا ترد
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4899)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
توفي زوج ابنتي، وترك أباه وزوجته وابنتين، فتنازل أبوه وزوجته عن حصتهما من ميراثه للبنتين، بشرط عدم التصرف في التركة بالبيع إلا بعد الرجوع للمتنازلَين، وبعد مضي فترة من الزمن طالبَ والده بنصيبهِ الذي تنازل عنه من التركة، فأعطته ابنتي سدسَ ما تركه زوجها من مال في حسابه المصرفي، وهو حوالي 17,000 دينار، ثم طالبَ بالسدس في كل ما تركه ابنه، فهل يجوز له ذلك؟ علما أن المحكمة عينت ابنتي وصيةً على البنتين.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن التنازل المذكور يعد من قبيل الهبة، والهبة المشروطة بعدم البيع صحيحةٌ، والشرطُ باطل. [تحرير الكلام على مسائل الالتزام: 402]، ولا يجوز الرجوع في الهبة بعد حيازة الموهوب له أو وصيهِ؛ لقولِ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَن يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا، إِلاَّ الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ، وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا، كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ، فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ، ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ) [أبو داود: 3539]، واستثناء الوالد من حرمة الرجوع في الهبة لا يشمل الجدَّ؛ قال الدردير رحمه الله: “(وَلِلْأَبِ) فَقَطْ لاَ الْجَدِّ (اعْتِصَارُهَا) أَي الْهِبَةِ” [الشرح الكبير: 4/110]، ولا يجوز للوصي أُمًّا أو غيرها أن يهب شيئًا من مال الموصى عليه، قال الخرشي رحمه الله: “الْوَصِيُّ لاَ يَجُوزُ لَهُ أَن يَهَبَ مِن مَالِ الْيَتِيمِ لِلثَّوَابِ بِخِلَافِ الْأَبِ” [شرح مختصر خليل: 5/297].
عليه؛ فلا يجوز لوالد المتوفى المطالبة بما تنازل عنه لبنتي ابنه، سواء كان نقدا أو عروضا أو عقارات، ويجب عليه أن يردَّ المال الذي استلمه من تركةِ ابنه، ولا حق له في المطالبة بسدس ميراثه؛ لأنه قد تنازل عنه، وعلى الوصيةِ السعيُ في استرداد المال الذي فرطَتْ فيه، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
14//ذي الحجة//1443هـ
13//07//2022م