طلب فتوى
البيعالتبرعاتالفتاوىالمعاملاتالمواريث والوصاياالوقف

هل يجوز لورثة الواقف قسمة أرض محبسة لم يتحقق فيها شرط الواقف؟

الصدقة على غير معينين تعد وقفا

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5096)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

توجد لدينا أرضٌ (سانية) مشتركةٌ، أشهدَ ملّاكها بوثيقة بينهم أنها (صدقةٌ … ولا يعترضُ أحد على الصدقة)، والمتعارف بينهم أنها لغرض الرعي وسقاية الدوابّ لمن يحدّها، وعُمل بهذا سنين، والآن أصبحت أرضًا بوارًا، لا يُنتفع بها، حيث توقفَ الرعي بالمنطقة، وأصبحتْ سكنية، فهل يجوز للورثة أن يتصرفوا في الأرض؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن الصدقة إذا كانت على غير معينينَ، أو لم يُرد بها تمليك رقبتها، فإنها تعدّ وقفًا، نقل عليش عن ابن عرفة قوله: “-قال- البَاجِي: لَفْظُ الصَّدَقَةِ إِنْ أَرَادَ بِهِ تَمْلِيكَ الرَّقَبَةِ فَهِيَ هِبَةٌ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ مَعْنَى الْحُبُسِ فَهُوَ كَلَفْظِهِ. قُلْتُ بَقِيَ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يُرَدْ بِهِ أَحَدُهُمَا اهـ. قُلْتُ -أي عليش-: تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ أَنَّها مَحْمُولَةٌ عَلَى الْحُبُسِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهَا هِبَةَ الرَّقَبَةِ” [منح الجليل:8/135]، والأصلُ أن لا يُتَصرَّفَ في الوقف، بأيٍّ مِن أوجه التصرفِ التي تُذهِب عينها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر في صدقته: (أَمْسِكْ أَصْلَهَا، وَسَبِّلِ الثَّمَرَةَ)، وقول عمر رضي الله عنه بعد ذلك: “لاَ يُبَاعُ وَلاَ يُوهَبُ وَلاَ يُورَثُ” [النسائي:6432]، قال سحنون رحمه الله: “بَقَاءُ أَحْبَاسِ السَّلَفِ خَرَابًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَيْعَهَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ” [شرح الخرشي:95/7]، إلا إن عدم الانتفاع بها على الوجهِ الذي حددَه الواقفُ، وخِيفَ عليها الضياع، فإنها تناقلُ بغيرها، وقد سئلَ ابنُ رشد رحمه الله عن حكم معاوضة أرض غامرةٍ تابعة لمسجد، فأجاب: “إِنْ كَانَتِ القِطعَةُ مِنَ الأرضِ المحبّسةِ قدِ انقطَعَت مَنفَعتُها جملَةً، وَعجزَ عَن عِمارَتِها، فَلا بَأسَ بِالمعاوضَةِ فيها بمكانٍ يكونُ حبُسًا مَكانَها، ويكونُ ذلكَ بِحكمٍ مِن القاضِي بعدَ ثبوتِ ذلكَ السّببِ، والغبطةِ في العِوضِ ويسُجل ذلك ويُشهد به” [المعيار المعرب: 138/7].

عليه؛ فإن هذه الأرض (السانية) المذكورة تعدُّ وقفًا، وإذا تحققتم من عدم الانتفاعِ بها في الغرضِ الذي من أجله تُصدِّق بها، وهي السقيُ والرعيُ، فيجوز للناظر مناقلتها؛ إمّا باستبدالِها، أو بيعِها ويشترى بثمنها أرضٌ تُجعل للسقاية، أو يحفر بثمنها بئر، في موضعٍ آخر؛ حفاظًا على الوقفِ من الضياع ما أمكن، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الرحمن بن حسين قدوع

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

04//رجب//1444هـ

26//01//2023م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق