طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالهبة

هل يرجع الواهب في هبته لغرض إذا لم يتحقق؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5089)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أردت الزواج من ثانيةٍ، فحصلت مشاكل مع زوجتي الأولى وأهلها، واتفقتُ معهم أن أعطيها قطعة أرض تساوي 60 ألفًا، جزء منها في نظير دين تريده مني وقدره 30 ألفًا، والباقي تعويضٌ لها عن زواجي بالثانية، بشرط أن تبقى زوجةً في بيتها، مجتنبة المشاكل، لكنها نقضت العهد، وهذا الاتفاق لم يكتب في ورقة التنازلِ، بل ذُكر فيها أني لا أتراجع عنه مهما كانت الظروف، وقد طلقتُ زوجتي الأولى مؤخرًا بسبب مشاكل بيننا، فهل يحق لي أن أطلب منها باقي ثمن الأرض بعد اقتطاع دينها؟ وقد أقرّت الزوجة بشرط التنازل.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ مَن وهبَ لغرض، فلم يحصلْ له ما أرادهُ، كان من حقّه أن يرجع بما وهبه، قال الأمير: “مُحصّلهُ اعْتِبارُ المَقاصِدِ وَالنِيّةِ الحُكميّةِ كَالبِسَاطِ، فَالنّاسُ عَلَى نِيّاتِهم فِي أَمْوَالِهِمْ، كَمَا فِي المُوطّأِ فِي بَابِ العُمْرَى… مِنْ ذَلكَ أَنْ تَهبَ المَرْأَةُ لِحُسْنِ العِشْرَةِ أَوِ الأَبُ لاِبْنِهِ لِيَبرّهُ فَلَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ” [ضوء الشموع: 248/3].

عليه؛ فإن كان الطلاق من الزوج حصل بسبب إساءة الزوجة عشرة زوجها، وافتعالها للمشاكل معه زائدا على المعتاد، فله الرجوع عليها بما زاد عن قدر الدين، وإن كان التطليق حصل من الزوج بسبب ما يقع عادة من الأزواج من الخلاف دون زيادة على المعتاد، فلها الحق في جميع الأرضِ؛ لأن الشرط الذي اشترطه الزوج يحُمل على ما ذُكر؛ إذ ليس هناك علاقة بين الأزواج خالية في العادة من الخلاف، فالمعتاد منه لا يعدّ نقضا للشرط، ولا يُحمل النقض إلا على الزائد عليه، وهذا أمر خفيٌّ لا يعلمه إلا الزوجان؛ لذا فعلى كل منهما أن يتنبه إلى أن هذه حقوق، فمن كان يعلم من نفسه أنه صادق، فله حق فيما يأخذه، ومن كان يعلم من نفسه غير ذلك، فلا حق له فيما يدعيه، فإن الإثم ما حاك في صدرك ولو أفتاك المفتون وأفتوك، وإن لم يحصل لكل منهما جزم بنقض الشرط أو عدمه فعليهما أن يتصالحا في الجزء الخاصّ بشرط حسن العشرة من الأرض، بحيث تبرأ ذمة كل منهما بالصلح عند عدم الجزم، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الرحمن حسين قدوع

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

03//رجب//1444هـ

25//01//2023م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق