هل يسقط حق الوارث في تركة مورثه مقابل هبة وهبها له في حياته؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5184)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
تنازل السيد م عن جزء من سطح منزله، لابنيه: ع وح، دون سائر أولاده، وجعل لكل منهما (115)م2، كما هو مبيّن في الوثيقة المرفقة، وقد قامَا بالبناء على حصتهما من مالهما الخاصّ في حياةِ الأب، فهل يدخل المتنازَل لهما في بقيّة الميراث، أم يعتبران متحصلين على نصيبهما مِن تركة الوالد؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالتنازل المذكور يعدّ من قبيل الهبة، ويشترط لتمامها أن يحوزَها الموهوبُ له في حياةِ الواهبِ، ويتصرف فيها تصرفَ المالك في ملكهِ، قال ابن أبي زيد رحمه الله: “وَلاَ تَتِمُّ هِبَةٌ وَلاَ صَدَقَةٌ وَلاَ حُبُسٌ إِلاَّ بِالْحِيَازَةِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَن تُحَازَ فَهْيَ مِيرَاثٌ” [الرسالة: 117]، والحيازة كما قال أبو الحسن المنوفي رحمه الله: “هِيَ وَضْعُ اليَدِ، وَالتَّصَرُّفُ فِي الشَّيْءِ الْمَحُوزِ كَتَصَرُّفِ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ؛ بِالْبِنَاءِ، وَالْغَرْسِ، وَالْهَدْمِ، وَغَيْرِهِ مِنْ وُجُوهِ التَّصَرُّفِ” [كفاية الطالب الرباني: 482/2].
عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فقد تمّت الهبة ببناء الابنين على السطح الموهوب لهما، وصار الجزء الموهوب من السطح بالبناء الذي عليه ملكًا لهما، يختصانِ به دون بقيّة الورثة، واختصاصُهما به لا يُسقطُ حقهما من التركة، بل يستحقان معه نصيبهما من تركة الأب، حسب الفريضة الشرعية؛ لأن الواهب لم يذكر أنَّ ما تنازل عنه كان نظيرَ إسقاط حق ابنيه في الميراث، بل لو نصَّ على ذلك لكان التنازلُ باطلًا، والميراثُ ثابتًا، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
عبد الرحمن بن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
24//شوال//1444هـ
15//05//2023م