طلب فتوى
الإجارةالتبرعاتالفتاوىالمساجدالمعاملاتالوقف

هل يجوز للإمام كراء الشقة المخصصة له في المسجد لغيره؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5183)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

بنى أهلُ الخير مسجدًا، مع شُقَّة لسكن الإمام، ومركز تحفيظ، ولأنَّ إمام المسجد من سكان المنطقة،

وليس بحاجةٍ إلى هذه الشُّقّة، فقد تمّ تأجيرها، فهل للإمام الحقّ في كرائها؟ وهل يجوز له صرفه في حاجات مركز التحفيظ، من فُرُش وموادِّ تنظيف، وفي إقامة المسابقات وإعطاء الجوائز للطلبة تشجيعًا لهم؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنَّ المقصودَ من الوقف المعلَّق على وصفٍ، كالإمامِ أو الخطيبِ أو الطالبِ المحتاج للسكن؛ تمليكُ الانتفاع للموقوف عليه القائمِ فيه الوصفُ، لا تمليكُ المنفعة، فله أن ينتفع به بنفسِه فقط، دون أن يبيعه أو يؤجرَه أو يهبه لغيره، قال الزرقاني رحمه الله في تعريف مالك الانتفاع: “وَهْوَ مَنْ مَلَكَ أَن يَنْتَفِعَ ‌بِنَفْسِهِ فَقَطْ، وَلَا يُؤَجِّرُ وَلَا يَهَبُ وَلَا يُعِيرُ، وَمَالِكُ الْمَنْفَعَةِ: مَنْ لَهُ تِلْكَ الثَّلَاثَةُ [أي: له ريعها وله]… انْتِفَاعهِ بِنَفْسِهِ، وَالفَرْقُ بَيْنَهُما أَنَّ مَالِكَ الِانْتِفَاعِ تُقْصَدُ ذَاتُهُ مَعَ وَصْفِهِ، كَإِمَامٍ أَوْ خَطِيبٍ أَوْ مُدَرِّسٍ بِبَيْتٍ وُقِفَ عَلَيْهِ بِالْوَصْفِ الْمَذْكُورِ… بِخِلَافِ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ فَإِنَّما يُقْصَدُ الانْتِفَاعُ بِالذَّاتِ لِأَيِّ مُنْتَفِعٍ” [شرح الزرقاني على خليل: 227/6].

فإن كان الإمامُ مستغنياً بِسَكَنِهِ عن شُقّة المسجد؛ فالواجب أن تُكْرَى بكراء المثل، وأن يصرفَ الكراءُ في مصالح المسجد، من صيانةٍ وعمارة وبُسُطٍ وإضاءة ونحو ذلك، مع مراعاة الأولويات بتقديم الأحوج فالأحوج في الصرف، قال الدسوقي رحمه الله: “لَوْ قَالَ وَقْفٌ عَلَى ‌مَصَالِحِ ‌الْمَسْجِدِ؛ صُرِفَ فِي حُصُرِهِ وَزَيْتِهِ، وَلَا يُصْرَفُ لِمُؤَذِّنِهِ، وَإِمَامِهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ مَصَالِحِهِ” [حاشية الدسوقي: 87/4].

وعليه؛ فلا حقَّ للإمام في كراء الشقة، والواجب أن يُصرَفَ في مصالح المسجد كما سبق، ولا يجوز صرفُه في حاجاتِ مركز التحفيظ، وفي إقامة المسابقاتِ القرآنية، وعلى الجوائز؛ لأنها ليستْ من مصالح المسجد، ما لم تُسْتَوْفَ مصالح المسجد، وتفضلْ من مال الوقف فضلةٌ وافرة؛ فيجوز حينَها، لأنَّ ما خرج لله يجوز أن يستعانَ ببعضِه في بعض، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

24//شوال//1444هـ

15//05//2023م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق