بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3821)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
استلمتُ إيرادات الإيجار لمحلات الورثة، نيابة عنهم، وبعلمهم، وقد حصل حريق بمنزلي أكل الأخضر واليابس، ولم يبق من مالي ومال الورثة إلا الهباء المنثور، فهل يلزمني تعويض الورثة فيما احترق؟ علماً بأن سبب بقاء المال -عندي- هو انتظار الورثة لقسمة المال.
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فإن الوديعة من عقود الأمانة بالأصالة، فإنْ حَفِظَ المودع الوديعةَ على الكيفية التي يحفظُ بها مالَهُ، وضاعت منه دون تفريطٍ، بأَنِ احترقَت مثلًا، فلا ضمان عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَوْدَعَ وَدِيعَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) [ابن ماجه:2401]، وهو مصدَّقٌ في دعوى التلفِ والضياع، إلا إذا اتهم بالخيانة أو التفريط، فيحلفُ ما فرَّطَ ولا ضيَّع، قال الدردير رحمه الله: “(لَا) تُضْمَنُ (بِدَعْوَى التَّلَفِ)، أَوْ الضَّيَاعِ بِلَا تَفْرِيطٍ وَلَوْ مَعَ الْبَيِّنَةِ الْمَقْصُودَةِ لِلتَّوَثُّقِ … لِأَنَّهُ أَمِينٌ ادَّعَى أَحَدَ أَمْرَيْنِ هُوَ مُصَدَّقٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَوْ مَعَ بَيِّنَةِ التَّوَثُّقِ (وَحَلَفَ الْمُتَّهَمُ) دُونَ غَيْرِهِ فِي دَعْوَى التَّلَفِ، أَوْ الضَّيَاعِ”، قال الدسوقي -رحمه الله- شارحًا: “(قَوْلُهُ: وَحَلَفَ الْمُتَّهَمُ) قِيلَ: هُوَ مَنْ يُشَارُ إلَيْهِ بِالتَّسَاهُلِ فِي الْوَدِيعَةِ، وَقِيلَ: هُوَ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ، وَقَوْلُهُ: (وَحَلَفَ الْمُتَّهَمُ) أَيْ: سَوَاءً حَقَّقَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ عَلَيْهِ الدَّعْوَى، أَوْ اتَّهَمَهُ” [الشرح الكبير وحاشية الدسوقي: 3/430].
عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فلا ضمان عليك فيما احترق، إذا كان بغير تفريطٍ منك، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
عبد الدائم بن سليم الشوماني
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
04//رجب//1440هـ
11//03//2019م