بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4341)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
حدث جدال مع زوجتي وأمها، فقالت لي أمها: “أنتَ لستَ برجلٍ”، فأحسست بغضب شديد جدًّا لا يوصفُ، واسودت الدنيا أمام عيني، ولم أعد أدرك ما أقول وما قلت؛ فالكلام الجارح الذي صدر من زوجتي وأمها لم يكن هينًا، إلى أن أبلغني أبي أني تلفظت بالطلاق حين غضبي، فما حكم هذا الطلاق؟ علما بأني طلقت زوجتي مرتين قبل ذلك وراجعتها.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن العقل هو مناطُ التكليف والمؤاخذة بالأقوال والأفعال، فإن كان المطلق شديد الغضب وقت الطلاق، فلم يشعر بما صدر منه، صار في حكم المجنون فاقدِ العقل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَن ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يَفِيقَ) [الترمذي: 142]، وقال الصاوي رحمه الله: “يَلْزَمُ طَلَاقُ الْغَضْبَانِ، وَلَوْ اشْتَدَّ غَضَبُهُ، خِلَافاً لِبَعْضِهِمْ، وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يَغِبْ عَقْلُهُ، بِحَيْثُ لاَ يَشْعُرُ بِمَا صَدَرَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ كَالْمَجْنُونِ” [بلغة السالك: 2/351].
وعليه؛ فما دمت كما ذكرت في السؤال لم تشعر بما قلت ولم تعٍ به فالطلاق غير واقع، وعليك أن تنتبه لنفسك، وتتجنب الطلاق؛ لأنك إذا طلّقت مرة أخرى فإنّ المرأة تحرم عليك، ولا تحلّ لك حتى تنكح زوجًا غيرك نكاح رغبة؛ لقول الله تعالى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: 229]، ثم قال: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: 230]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
(أعطيت هذه الفتوى بناء على طلب المستفتي وإقراره بأن القضية موضوع الفتوى ليست معروضة على القضاء، وإذا ثبت خلاف ذلك فتعد الفتوى لاغية، ويخضع صاحبها للمساءلة القانونية).
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
20//جمادى الأولى//1442هـ
04//01//2021م