طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوىالنكاح

هل يقع الطلاق على الحامل؟

رجعة المطلقة بعد وضع حملها دون عقد غير صحيحة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3863)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

طلقتُ زوجتي طلقة واحدة وكانت حاملًا، فبقيَتْ عند أهلِها، حتى وضعت حملها، ثم بعد وضعها للحمل راجعتها، ثم بعد ذلك بفترة طلبت مني الطلاق، فقلت لها: (أنت طالقٌ)، فذهبت لأهلها، فما حكم هذا الطلاق؟

الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فإن كان الحال كما ذكر، فالطلاق في الحمل واقعٌ على مذهب جماهير العلماء، من الأئمة الأربعة وغيرهم؛ لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنه طلقَ امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ ليُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلًا) [مسلم:1471]، وعليه؛ فقد وقع الطلاق على امرأتك، وإن لم تعلم بذلك، وبوضعها حملها خرجت من عدتها، ولعدم إرجاعك لها قبل ذلك بانت منك بينونةً صغرى؛ لقول الله عز وجل: ﴿وَأُولاَتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَّضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق:4]، فلا تحل لك إلا بعقدٍ ووليٍّ وصداقٍ جديدٍ، بعد أن تستبرئ بثلاث حيضات من الماء الفاسد، الذي حصل بسبب بقائها معك دون عقدٍ، بعدَ وضعِها حملَها، ولا عبرة بمراجعتك لها دون عقدٍ جديدٍ، قال القرطبي رحمه الله: “فَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا المُطَلِّقُ حَتَّى انقَضَتْ عِدّتُها، فَهْي أَحَقُّ بِنَفْسِهَا، وَتَصِيرُ أَجْنَبِيّةً مِنْهُ، لاَ تَحِلُّ لَهُ إَلاَّ بِخِطْبَةٍ وَنِكَاحٍ مُسْتَأْنَفٍ، بِوَلِيٍّ وَإِشْهَادٍ، لَيْسَ عَلَى سُنَّةِ المُرَاجَعَةِ، وَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ” [الجامع لأحكام القرآن:5/448]، وتحسب الطلقة عليك حتى بعد العقدِ الجديد؛ لأنها عادت إليك بالعصمة الأولى، روي عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قال: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى تَحِلَّ وَتَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَيَمُوتَ عَنْهَا أَوْ يُطَلِّقَهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا زَوْجُهَا الْأَوَّلُ فَإِنَّهَا تَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِهَا)[الموطأ:2180]، وأما الطلاق الذي أوقعته بعد بينونتها منك فلا يعتد به شرعًا؛ لكونها أجنبية منك، فلم يقع الطلاقُ على عصمةٍ شرعيةٍ، ولم يجد محلا، قال الخرشي رحمه الله: “وَشَرْطُ الْمَحَلِّ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِلزَّوْجِ قَبْلَ نُفُوذِ الطَّلَاقِ سَوَاءٌ كَانَ مِلْكُهُ حِينَ التَّلَفُّظِ بِهِ مِلْكًا مُحَقَّقًا كَزَوْجَتِهِ الَّتِي فِي عِصْمَتِهِ أَوْ تَعْلِيقًا” [شرح الخرشي على المختصر: 4/36]، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

عبد الدائم بن سليم الشوماني

 

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

25//رجب//1440هـ

01//04//2019م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق