بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4580)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
زوجي مريض مرضًا نفسيًّا منذ سنوات، كما هو موضح في التقرير الطبي المرفق، وتكرر منه التلفظ بالطلاق مراتٍ كثيرة قبلَ خضوعه للعلاج، وبعد خضوعه للعلاج توقفَ عن التلفظ بالطلاق، فهل يعدُّ طلاقُه واقعًا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ العقل هو مناطُ التكليفِ والمؤاخذةِ بالأقوالِ والأفعال، فإذا كان المطلِّقُ يعِي ما يقول، ويقصدُ ما تكلمَ به، فالطلاق واقعٌ، وأما إن كان المطلقُ شديدَ المرض وقت الطلاق، إلى درجة لا يعي فيها ما يقول، ولا يشعر بما صدر منه؛ فالطلاق لا يقع؛ لأنه صار في حكم المجنون فاقدِ العقل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَن ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يَفِيقَ) [الترمذي: 142]، وفي المدونة: “قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ رحمه الله: مَا نَعْلَمُ عَلَى مَجْنُونٍ طَلَاقًا فِي جُنُونِهِ، وَلاَ مَرِيضٍ مَغْمُورٍ لاَ يَعْقِلُ، إِلاَّ أَنَّ الْمَجْنُونَ إِذَا كَانَ يَصِحُّ مِنْ ذَلِكَ، وَيُرَدُّ إِلَيْهِ عَقْلُهُ، فَإِنَّهُ إِذَا عَقِلَ وَصَحَّ جَازَ أَمْرُهُ كُلُّهُ، كَمَا يَجُوزُ عَلَى الصَّحِيحِ” [2/84]، وقد ورد في التقرير الطبي المرفق، أنّ المرض الذي يعاني منه الزوجُ يُفقده الشعورَ والإدراكَ أحيانًا.
عليه؛ فإن الطلاقَ غير واقع، إذا كان الزوج تلفظَ به حالَ كونهِ فاقدًا للإدراك، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي امحمد الجمل
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
15//ذي الحجة//1442هـ
25//07//2021م