حكم الاختلاط في الجامعات والمعاهد
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1149)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
نحن طلبة في كلية الطب، ندرس مادة: “النساء والولادة”، في قاعات مختلطة بين الطلبة والطالبات، ولا يلزمنا دراسة هذه المادّة في تقديرنا؛ لأننا لا نريد التخصص فيها، فما حكم ما ذكر من الدراسة المختلطة؟.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الاختلاط المتكرر المتواصل، غير العارض، على النحو الموجود عند الناس اليوم، في الجامعات والمدارس والمستشفيات والمؤسسات الأخرى في الدولة، هو من الاختلاط المحرم؛ لما فيه من التعرض للفتنة، ولأنه يتعذر معه غض البصر المأمور به شرعا في قوله تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ)، ولهذا لمّا رأت عائشة رضي الله عنها تغيّر أحوال النساء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: (لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء بعده لمنعهن المساجد) رواه البخاري، هذا في زمن عائشة رضي الله عنها، فما بالك بالناس اليوم، عليه؛ فإنّ الواجب على المسؤولين أن يتقوا الله تعالى فيما استرعاهم من رعية، وأن ينصحوا لهم، وأن يرشّدوهم للصواب، وأن لا يقفوا حجر عثرة في طريق الإصلاح المنشود، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كلكم راعٍ، وكلكلم مسؤول عن رعيته)، أي: حفظ أم ضيع، ويقول صلى الله عليه وسلم: (ما مِن عبدٍ يسترعِيهِ اللَّه رعيَّةً، يَمُوتُ يومَ يَموتُ وهُوَ غَاش لِرَعِيَّتِهِ، إلاَّ حَرَّمَ اللَّه علَيهِ الجَنَّةَ) [متفق عليه]، أما بخصوص دراسة مادة: “النساء والتوليد”، فيُرجع في ذلك إلى أهل الفن والاختصاص، من الأطباء والخبراء؛ لأنهم هم من يقدِّرُ أن دراسة هذه المادّة لمن لا يريد أن يتخصص فيها، ضروري لتعلم المهنة أم لا؛ لأن تأسيس الطالب قد يقتضي دراسة موادّ، ولو لم يرد الطالب التخصص فيها، وعلى الطلاب جميعاً بمختلف اختصاصاتهم أن يطالبوا الدولة بالعمل على توفير مناخ ملائم للدراسة، من فصلٍ للذكور عن الإناث، وعدم إلزامهم بالاختلاط، فهذه حقوقٌ شرعية، تجب المحافظة عليها من كل مسلم، وليست امتيازات، والله اعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الصادق بن عبدالرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
6/جمادى الآخرة/1434هـ
2013/4/17