طلب فتوى
الأسرةالعقيدةالفتاوىالنكاحقضايا معاصرة

أسئلة منوعة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الفتوى رقم (       )

 

ورد إلى دار الإفتاء الأسئلة الآتية:

السؤال الأول:

ما حكم منح النظام السابق الجنسية لغير المسلمين؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالجنسية عَقد بين الشخص والدولة، تترتب عليها حقوق والتزامات متبادلة، وتكفل له حقوقه الاجتماعية والدينية والسياسية … وهي بهذه الصورة لا يجوز إعطاؤها من قبل الدولة المسلمة للكفار، من غير المقيمين أصلا بها؛ لوجود العديد من المفاسد الشرعية المترتبة عليها، وعلى رأسها: أن الدولة تصير بذلك ملزمة بالاعتراف لهم بحقوق تعينهم على إقامة دينهم الباطل، وقد عافانا الله تعالى من ذلك؛ وقد جاءت النصوص الشرعية الكثيرة المحذرة من مثل هذا، منها حديث جَرِيرٍ البجلي رضي الله عنه، (أَنَّهُ حِينَ بَايَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، أَخَذَ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يُشْرِكَ بِاللهِ شَيْئًا، وَيُقِيمَ الصَّلاَةَ، وَيُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَيَنْصَحَ الْمُسْلِمَ، وَيُفَارِقَ الْمُشْرِكَ، وفي رواية: ويبرأ من الكافر) [سنن النسائي:7750].

وينبغي على الدولة أن تعد من القوانين واللوائح ما تضبط به المواطنة بصورة محكمة، وتسد على غير الليبيين منافذ التحايل والإضرار بمصالح البلاد؛ وذلك بتفعيل الرقم الوطني، وحصر تعداد السكان الصحيح، المبني على أسس علمية منضبطة، وهو واجب قد أناطه الله بكم، وقد جاء في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصيحة، إلا لم يجد رائحة الجنة) [البخاري:6731].

السؤال الثاني:

ما حكم زواج بعض الشباب الليبي بنصرانيات من الدول الأوربية، أيام دراستهم بها، وقد أنجب بعضهم أطفالا، ثم تركوا زوجاتهم وأطفالهم بدون متابعة، حيث تود اللجنة التواصل مع الخارجية الليبية بالخصوص استنادًا لفتواكم؟.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فلا شك أن من أوجب الواجبات على من ولاهم الله أمر المسلمين؛ حماية المسلمين مما قد يعرض عليهم في ديـنـهم، لا سيما الأطفال الذين يولدون في بلاد الكفار من أمهات نصرانيات ينفصلن عن أزواجهن، ثم بعد ذلك بمقتضى قوانينهم يحرم الأباء من حقوقهم في رعاية أبنائهم وبناتهم، وينشؤون على دين أمهاتهم، وهذا مخالف لما اتفق عليه المسلمون؛ من أن الولد يتبع أباه في الدين والنسب، فالواجب على الدولة المسلمة أن تضع من الاتفاقيات مع الدولة غير المسلمة ما يُحْيِ هذا الحق، ويكفل متابعة الآباء لأولادهم، وتَفَقُّدِ أحوالهم، وتوفير معلمين ومدارس يكون من مناهجها تعليم العلوم الشرعية الضرورية، وربطهم ببلدهم وأهليهم في ليبيا.

السؤال الثالث:

ما حكم زواج بعض الليبيات من غير المسلمين، وغير أهل السنة، وواجب الدولة تجاه ذلك؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فلا شك أن من مقاصدِ الشرعِ الحنيف – باتفاقِ المسلمين – أن يُعان النساءُ والرجالُ على الإحصان والاستعفافِ بالزواج، فحق النساءِ والرجال في الزواج مشروعٌ دون شكّ، إلا أن زواج المسلمة من كافر محرم بالكتاب والسنة والإجماع، سواء كان الكافر وثنيًا أو يهوديًا أو نصرانيا، قال تعالى: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تُرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ)) الممتحنة 10)، وحرم الله نكاح أهل الشرك بقوله سبحانه: (ولا تُنكِحُواْ المُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ)، قال الإمام القرطبي: “أي لا تزوجوا المسلمة من المشرك، وأجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه؛ لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام” [الجامع لأحكام القرآن:72/3]، وقال الإمام ابن جزي: “وإن نكاح كافر مسلمة يحرم على الإطلاق بإجماع” [القوانين الفقهية:131].

أما تزويج بعضِ المنتسبين إلى الإسلامِ، وهم ليسوا في الواقعِ مسلمين؛ كالقاديانية، والباطنية، والدّروز، والرافضة، وغيرهم، وإن قالوا: لا إله إلا الله، وكذلك الأحمدية الذين يدَّعون النبوة، وكل هذه الفرق ترجع إلى المذهب الباطني، الذي من أصول معتقده التستر والكتمان والتّقيّة، وتأليه إمامه، وإنكار النبوةِ والقرآن؛ فالتوقف متعين عندما يختلط الأمر؛ حمايةً لبناتِ المسلمين وأعراضهن، وذلك حتى تُضبطَ الأمور، ويُوضعَ حدّ للتزوير، وتتوفرَ قاعدةُ بياناتٍ يمكن الاطمئنان إليها، فليس من حرجٍ على وليّ الأمر أن يقيدَ المباح، إذا خُشي منهُ وقوعُ مفسدة عامةٍ كهذه، فقد قيدَ عمر رضي الله عنه الزواجَ لسببٍ أخفّ من هذا، ومنعَ بعض قواده من الزواجِ بالكتابيات، وقد أحله الله تعالى في قوله: )وَالْمُحْصَنَـاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ(، فقال له حذيفةُ: أحرام هو؟ قال: لا، ولكن أخشى أن تُواقِعوا المُومِساتِ، والله أعلم.

السؤال الرابع:

ما حكم سب الدين؟ وحكم مَن سب الدين كما على ألسنة بعض العامة مثل قولهم: (عن دينك) و(دين ربك)؟ وحكم من سب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن سب الله تبارك و تعالى، وسب الدين ردة عن دين الإسلام، وخروج من الملة – عياذا بالله – قال القاضي عياض: “لا خلاف أن سابَّ الله تعالى من المسلمين كافر حلال الدم”، وقال ابن راهويه: “قد أجمع المسلمون أن من سب الله، أو سب رسول الله … أنه كافر بذلك، وإن كان مقرا بما أنزل الله”، ولقد استفاض النقل عن العلماء في كتبهم، أن سب الله والدين ردة عن دين الإسلام, سواء قصد الساب اللفظ والمعنى، أو قصد اللفظ دون المعنى، بل لقد نهى الله سبحانه عن سب آلهة المشركين، كي لا يسبوا الله عدوًا بغير علم.

ومن سب الله تعالى، وسب رسوله صلى الله عليه وسلم، أو سب دينه؛ كفر كفرًا مخرجًا من الملة، ويجب على سلطان المسلمين قتله بإجماع العلماء، إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع، ولم يتب من ذلك، قال الخرشي: “سب الله تعالى كسب النبي صلى الله عليه وسلم، أي: صريحه كصريحه، ومحتمله كمحتمله، فيقتل في الصريح، ويؤدب في المحتمل، سواء كان الساب ذميا، أو مسلما، إلا أن في استتابة المسلم خلافا … والراجح قبول توبته” [ج:8،ص:74]، ولا شك أن إضافة الدين إلى شخص ما لا يؤثر، لأن دينه معلوم أنه دين الإسلام، فالواجب على المسلمين جميعا أن يتقوا الله سبحانه، ويتواصوا بالحق فيما بينهم، ومن علم أنه يسب الله تبارك وتعالى، يجب رفعه للقضاء ومحاكمته، ولا يجوز للمسلمين السكوت والرضا بمثل هذا المنكر العظيم، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

                                                                 مفتي عام ليبيا

 

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق