حكم شهادة الجن
بسم الله الرحمن الرحيم
الفتوى رقم ( )
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
اتهمت فتاة بعمل السحر لإحدى قريباتها، وليس لهم بينة إلا قول الجان عندما نطق على لسان المرأة المسحورة، وأدى ذلك إلى تهاجر وقطيعة بين الأقارب، وأقسمت الفتاة أمام جمع من أهل الإصلاح أنها بريئة من التهمة، فما حكم تصديق قول الجان وتكذيب الفتاة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد:
فإن ما صدر عن الجن من كلام بحق الفتاة، ونسبته السحر إليها، لا يصدق فيه؛ لأن المسلم له من الحرمة والحصانة في دمه وعرضه وماله ما يمنع سوء الظن به، وخبر الجن أرقى أحواله الشهادة، وشرط قبول الشهادة العدالة، فمن لا تعرف عدالته لا تقبل شهادته، وتلبس الجني بالإنس هو من الأذى الذي يتعارض مع العدالة فلا يقبل خبره، وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}، فالواجب على أهل المرأة المسحورة أن لا يتهموا أحدا بناء على قول الجان؛ لأن الجن من طبيعتهم الكذب، ويسعون للتفرقة بين المسلمين، وعليهم الرضا بيمين الفتاة، قال صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ حُلِفَ لَهُ بِاللهِ فَلْيَرْضَ، وَمَنْ لَمْ يَرْضَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ)) [رَوَاهُ ابْنُ مَاجَةَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ]، ولهذا لمَّا رأَى عيسى عليهِ السلامُ رجلاً يَسْرِقُ، فقالَ لهُ: سَرَقْتَ؟ قالَ: كَلاَّ واللهِ الذي لا إلهَ إلاَّ هوَ، فقالَ عيسى: (آمَنْتُ بِاللهِ، وَكَذَّبْتُ عَيْنِي) [رواهُ البخاريُّ]. والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم