بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى ( 1642)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
تنازل رجل، ووهب آخر، وتصدق ثالث، وهم بحال كمال الأهلية شرعا، بكامل ما لكل منهم من مخلفات على بناتهم، فهل يجوز ذلك، أم لا؟ علما بأنهم قصدوا بذلك حرمان بعض العصبة من الميراث؛ لعدم وجود الابن لكل منهم.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فما قام به المذكورون، من تنازل وهبة وتصدُّق لبعض الورثة دون بعض، إذا كان الغرض منه حرمان بعض الورثة والإضرار بهم، فلا يجوز؛ لمخالفته لقصد الشارع من قسمة الميراث بالعدل، قال صلى الله عليه وسلم: (إنّ اللهَ قد أعطَى كلَّ ذِي حقٍّ حقَّه، فلا وصيةَ لوارِثٍ) [أبواداود:114/3]؛ لكن إذا لم يكن الغرض من ذلك الإضرار، وإنما هو مراعاة الضعيف أو المريض أو الأكثر بِرًّا وإحسانا، فقد يكون للأفعال المذكورة ما يسوغها شرعًا، ولا تتم إلا بالحيازة، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: “ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة” [الرسالة:117]، فإذا تمت الحيازة للموهوب لهن، وتصرفن في الهبة تصرف المالك في مِلكه، قبل وفاة الواهب، فقد لزمت الهبة وصحت، وإذا لم يَـحُزنها إلى أن مات الواهب، بأن بقيت الأملاك تحت تصرف الأب إلى أن مات، فهي وصية لوارث، لا تصح، وتقسم التركة على الورثة حسب الفريضة الشرعية، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الغرياني
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
23/صفر/1435هـ
2013/12/26م