بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3759)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
تبرعت عائلة س – منذ سنوات مضت – بقطعة أرض صدقة جارية، وبنَتْ عليها مسجدًا يعرف بمسجد (س)، ويعزم أهل الحيّ الآن على هدمه وإعادة بنائه، لأسباب منها؛ قِدم المسجد، وانفصال جميع الصفوف بدرجتين، بسبب توسعة قديمة للمسجد ينخفض منسوبها عن المسجد الأول، ووجود رطوبة كثيرة في المسجد، وبقصد توسعته، فهل الأجر باق للعائلة المتبرعة بعد ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالمسجد لا يهدم إلا إذا ضاق بالمسلمين ولم تمكن توسعته، والمناسيب الممتدّةُ في مستوى الأرضيّة من الانخفاض والارتفاع لا تبرر هدمَه، والرطوبة التي به تعالج بالصيانة وبقطع أسبابها، هذا هو الذي ينبغي أن يكون، والمال الذي يُهدم به مسجدٌ قائم ينبغي أن يوجّه إلى عمارته، ببناء أوقاف ينفق منها على إنشاء مرافق خدمية تُلحَق بالمسجد، كالخدمات الدعوية والتعليمية، وبناء مرافق صحية كعيادة عامّة، أو خدمات طبّيّة أخرى، مثل مركز لغسيل الكلى ونحوه، تُقدّم للفقراء بأسعارٍ مخفّضة أو مجّانية تخدم فقراء القرية، وكذلك على بناء معاهد للعلم، والإنفاق عليها، والقيام بحملات تبرع لاستكمال تغطية هذه النفقات، فمثل هذا الإنفاق أعظم أجرًا أضعافًا مضاعفةً من إعادة بناء مسجدٍ قائمٍ يؤدّي الغرض ويسعُ المصلين؛ لأنه من الصدقة الجارية، ويدخل في إعمار بيوت الله، قال الله عز وجل: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) ]التوبة:18].
أما إذا ضاق المسجد ولم تمكن توسعته، فيجوز هدمه وإعادة بنائه، ويؤْجر كل من أسهم في بنائه أو أعانَ عليه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ بَنَى اللهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ مِثْلَهُ) ]مسلم:533[، ويشاركهم في الأجر صاحب الحبس الأوّل؛ لأنه سببُ وأصلُ هذا الخير؛ ولأن الأرضَ باقية على قصد الواقف صدقة جارية له، وفضل الله واسعٌ، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
عبد الدائم بن سليم الشوماني
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
22//جمادى الأولى//1440هـ
28//01/2019م