بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3768)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السّؤال التّالي:
بيت ورثةٍ أرادوا بيعه، فقُيم نصيب كلّ أنثى بـسبعين ألف دينار (70000د.ل)، فرفضت إحداهن البيع، إلَّا أن يعطيها المشتري مئةَ ألف دينار (100000د.ل)، فهل يجوز لها أن تطلب ثمنًا أكثر من الذي رضي به باقي الورثة؟ وهل تجبر على البيع إذا لم توافق؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنْ كانَ البيتُ يقبلُ القسمة بين الورثة دونَ ضرر يلحقهم، فالواجبُ قسمته بينهم، إذا طلبها أحدُ الأطراف، ولكل وارثٍ أن يتصرفَ في نصيبه كما شاءَ، أما إذا كان البيت لا يقبلُ القسمة بين الورثة إلَّا بضرر يلحقهم، بحيث لا ينتفع كلٌّ بنصيبه بصورٍة صحيحةٍ، فإنّه يباعُ بما لا يقلّ عن سعرِ السّوق، ويُعطَى كلُّ وارثٍ نصيبَه مِن الثّمن، ومَن رفضَ البيع فإنّه يُجبرُ عليهِ؛ لقول الرّسول صلى الله عليه وسلم: (لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَار) [ابن ماجه:2341]، قال ابنُ فرحون رحمه الله: “وَالْأَشْيَاءُ الَّتِي لَا تَنْقَسِمُ أَوْ فِي قِسْمَتِهَا ضَرَرٌ، يَجُوزُ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى الْبَيْعِ مَنْ أَبَاهُ إذَا طَلَبَ الْبَيْعَ أَحَدُهُمَا” [تبصرة الحكام:2/214]، وأما طلبُ إحدى الإناث من المشتري بيع حصّتها بأكثر من غيرها، فهو مِن طلبِ الزيادة في ثمن سلعةٍ بيعتْ مشتركةً، إذا تحصل عليها أحدُ الشركاء فلا يختص بها دون غيره، بل ما طرأَ على الثمن مِن زيادةٍ أو نقصٍ في السلعة المشتركة يفضّ بينهم على قدرِ حصصهم، قال الفقيه ابن رشد رحمه الله: “[وَسُئِلَ] مَالِكٌ عَنِ الْقَوْمِ يَجْتَمِعُونَ يَشْتَرُونَ السِّلْعَةَ فَيَضَعُ الْبَائِعُ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ. قَالَ مَالِكٌ: إِن كَانَ الَّذِي وَلِيَ الصَّفْقَةَ هُوَ الَّذِي وُضِعَ لَهُ فَمَا وُضِعَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ فَهْوَ بَيْنَهُمْ. ثُمَّ قَالَ: وَالْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ يَقُولُونَ: مَا وُضِعَ لِأَحَدِهِمْ فَهْوَ بَيْنَ جَمِيعِهِمْ … وَلاَ اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ إِذَا كَانُوا شُرَكَاءَ عَقْدٍ فَوَضَعَ لِأَحَدِهِمْ أَنَّ الْوَضِيعَةَ بَيْنَهُمْ” [البيان والتحصيل:12/17]، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشّريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
28/ جمادى الأولى/ 1440هـ
03/ 02/ 2019م