طلب فتوى
الفتاوىالمعاملاتالمواريث والوصايا

قسمة تركة بالتراضي

تصرف أرملة المتوفى في شيء من التركة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3977)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

توفي أبي رحمه الله، وترك لنا منزلين، أحدهما في قرجي وثانيهما في الزاوية، وكان قبل وفاته بسنوات قد وهب لي المنزل الذي في قرجي وسكنتُ فيه، وسكنتْ أمي مع البنات والأولاد في المنزل الذي في الزاوية، ولعدم راحة أمي في الزاوية قمنا ببيع ذلك المنزل، بعد استثناء جزءٍ صغيرٍ بُني عليه مسكن صغير، وقامت أمي بالتصرف في المال الموروث على حسب عواطفها في إعطاء الأولاد والبنات شيئا منه للإعانة، وكذلك اشترتْ أرضًا، وأقرها الأبناء على ذلك تطييبا لخاطرها، وبعد مدة طلبت مني أمي أن أبيعَ لها المنزل الذي أسكنُه في قرجي، فبعته لها، وسكنَتْ فيه هي والأولاد والبنات، ثم توفيت أمي، فقمنا بقسمة التركة – المتمثلة في (مسكن صغير في الزاوية، ومنزل في قرجي، وقطعة أرض) – بالتراضي بيننا، فأخذ أحد الأولاد المنزل الذي في الزاوية، وأخذ الآخر الطابق الأول من المنزل الذي في قرجي، وللبنات الأربعة الطابق الثاني وقطعة الأرض، مع العلم أن لنا أخًا لأم، له نصيب من ميراث أمي في تركة أبي، الأسئلة كالتالي:

  • فما حكم الهبة التي وهبها لي أبي؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فيجوز للوالد أن يهبَ في حال حياته بعض ممتلكاته لبعض أولاده، ما لم يكنِ الغرض من ذلك حرمان بعض الورثة والإضرار بهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله، واعدلوا في أولادكم) [مسلم:1623]، والهبة إذا حازها الموهوب له حال حياة الواهب مضت، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: “وَلاَ تَتِمُّ هِبَةٌ وَلاَ صَدَقَةٌ وَلاَ حُبُسٌ إِلاَّ بِالْحِيَازَةِ” [الرسالة:117]، ويدخل الموهوب له مع بقية الورثة في قسمة باقي التركة.

عليه؛ فإن هبة الوالد لك صحيحة تمت بشرطها وهو الحيازة، وقد حصلت بسكناك في البيت.

  • هل تصرف أمي بالمال على حسب عواطفها للإعانة صحيح؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

وأما إعطاء أمك بعض الأولاد والبنات مالًا من التركة، فهو تصرفٌ جائزٌ، ما دام الورثة قد رضوا بذلك تطييبًا لخاطرها، ويعتبر ابتداء عطية منهم، ولا يمكنهم الرجوع فيها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً، أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا، إِلاَّ الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ) [أبوداود:3539].

 

  • هل ما قمنا به من قسمةٍ للتركة بالتراضي صحيح؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

وأما قسمتكم للتركة على حسب ما ذكر في السؤال، فالأصل جوازها، قال الزرقاني رحمه الله: “مَنْ هَلَكَ وَتَرَكَ عُرُوضًا حَاضِرَةً … جَازَ لِلْوَرَثَةِ قَسْمُ ذَلِكَ مُرَاضَاةً”[شرح الزرقاني:6/375]، لكن مما يوجب نقض القسمة ظهور وارث لم يأخذ نصيبه منها وهو أخوكم لأمكم، قال خليل رحمه الله: “الطَّوَارِئُ عَلَى الْقِسْمَةِ خَمْسَةٌ: الْعَيْبُ، والاستِحْقَاقُ، وَالدَّيْنُ، وَظُهُورُ وَارِثٍ، وَظُهُورُ مُوصىً لَهُ” [التوضيح: 7/23].

عليه؛ فالواجب عليكم إما أن تنقضوا القسمة من أصلها؛ لطروّ وارث عليها وهو أخوك لأمك، وترجعوا إلى القسمة الشرعية المبَيَّنةِ في كتاب الله تعالى بقوله: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ… ) [الآيات من سورة النساء:11-12]، وإما أن تتصالحوا فيما بينكم، فتعطوا أخاكم لأمكم قيمةَ ميراثه من أمه، ويبقى ما تصالحتم عليه فيما بينكم كما هو عليه من القسمة المذكورة في السؤال، إن تراضيتم على ذلك، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

16// المحرم// 1441 هجرية

15// 09// 2019م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق