بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4171)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
يوجد لدينا مقبرة بمحلة زناتة، قد ضاقت وامتلأت بالقبور، والآن نريد إتاحة أماكن للدفن، إما بردمِ أو نبش القبور القديمة، التي مر عليها نحو أربعين سنة، ونقلها، فما حكم ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالأصل أن لا يتصرف في القبر بأي نوع من أنواع التصرف؛ لأن القبر حبس على صاحبه مادام فيه؛ ولِمـا يؤدي إليه هذا النبش من إيذاء للأموات، وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كَسْرُ عَظْمِ المَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا) [ابن حبان:3167]، قال الخرشي رحمه الله: “قَالَ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي يُدْفَنُ فِيهِ الْمُسْلِمُ وَقْفٌ عَلَيْهِ، مَا دَامَ شَيْءٌ مَوْجُودًا فِيهِ حَتَّى يَفْنَى، فَإِنْ فَنِيَ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ دَفْنُ غَيْرِهِ فِيهِ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ عِظَامِهِ فَالْحُرْمَةُ بَاقِيَةٌ لِجَمِيعِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْفَرَ عَنْهُ وَلَا يُدْفَنَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَلَا يُكْشَفَ عَنْهُ اتِّفَاقًا” [الخرشي:2/144]، فإذا تبين أن العظام قد بليت في هذه القبور، وصارت رميمًا، فإنه يجوز ردم هذه القبور، والدفن فيها من جديد، قال الدردير رحمه الله: “إذَا عُلِمَ أَنَّ الأَرْضَ أَكَلَتْهُ، وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ عِظَامِهِ، فَإِنَّهُ يُنْبَشُ؛ لَكِنْ لِلدَّفْنِ …” [الشرح الصغير:1/578].
عليه؛ فإذا تحققتم مِن أن عظام الموتى في هذه القبور قد بليت، وصارت ترابًا، ولم يبق لها أثرٌ، واستعنتم في ذلك بأهل الخبرة والمعرفة، فإنه يجوز لكم حينئذ الدفن فيها من جديد، والله أعلم.
وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
06//رجب//1441 هجرية
01//03//2020م