بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4481)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
تبرع السيد م قبل وفاته بقطعة أرضٍ، مساحتها 3000 مترٍ مربعٍ؛ لتكونَ مقبرةً لأهلِ المحلّة، لكنْ يرغبُ السكانُ المجاورون لقطعةِ الأرضِ، في مناقلتِها بأرضٍ أخرَى، مساحتها 4300 مترٍ مربعٍ؛ لكونِ الأرضِ الموقوفةِ تقعُ خارجَ نطاقِ المحلةِ، وتربتها شبهُ صخرية، وتحتاجُ تكاليفَ لتهيئتها لتكونَ مقبرةً، كما أن منسوبَ الجزء الغربي منها منخفضٌ، فتتجمعُ فيه مياهُ الأمطارِ، ولا يمكنُ تصريفها دونَ الإضرار بالجيران، بخلافِ القطعةِ الجديدةِ؛ فموقعها ممتازٌ داخلَ نطاقِ المحلة، وتتوفرُ فيها كافةُ الاشتراطاتِ الفنيةِ، فضلًا عن سهولةِ الحفر فيها، فما حكم ذلك؟ علما أنّ القطعة المحبسةَ لم تُستعمْل في الغرضِ الذي حبست له.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالأصلُ أن لا يُتصرفَ في أرضِ الوقف، بأيٍّ مِن أوجهِ التصرفِ التي تُذهب عينها، إلا إذا خيفَ عليها الضياع، ولم يمكن الانتفاع بها على الوجه الذي حدده الواقف، أو تضرر منها المحيطون بها، فتستبدل بأرضٍ أخرى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرارَ) [ابن ماجه:2331]، وفي المعيار عن ابن رشد، أنه سئل عن حكم معاوضة أرض غامرة تابعة لمسجد، فأجاب: “إِنْ كَانَتِ القِطعَةُ مِنَ الأرضِ المحبّسةِ قدِ انقطَعَت مَنفَعتُها جملَةً، وَعجِزَ عَن عِمارَتِها، فَلا بَأسَ بِالمعاوضَةِ فيها بمكانٍ يكونُ حبُسًا مَكانَها، ويكونُ ذلكَ بِحكمٍ مِن القاضِي بعدَ ثبوتِ ذلكَ السّببِ، والغبطةِ في العِوضِ ويسُجل ذلك ويُشهد به” [المعيار المعرب: 7/138].
عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، مِن عدم صلاحية الأرض الموقوفة لأنْ تكونَ مقبرة، وكانت الأرض التي ستناقل بها أنفع للوقف؛ جازتِ المناقلة في الأرض المذكورة، وينبغي أن يكون ذلك بإشراف العدول وأهلِ الرأيِ في المحلّة، ويوثق عند محررِ عقود؛ حفاظًا على مصلحة الوقف، وتحقيقًا لغرضِ الواقف، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عصام بن علي الخمري
عبد الرحمن بن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
10//رمضان//1442هـ
22//04//2021م