طلب فتوى
الحدود و الجناياتالصلحالفتاوىالمعاملات

الدية في جناية العمد على النفس

مقدار الدية في القتل العمد

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4482)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

نحن لجنة الصلح بين عائلتين، نتقدم إليكم ببعض الاستفسارات، بخصوصِ فضِّ النزاع الحاصلِ بين العائلتين، حيث إنّ أحدَ أفراد العائلة وهو م، قام بقتل ط، ثم قام إخوة المقتول بقتلِ القاتلِ، فهل للمقتول أولًا (ط) الدية؟ علما بأن والده وإخوته أحياء، وهل للمقتول ثانيًا (م) الدية؟ وما الدية الشرعية؟ وما قيمتها بالدينار الليبي؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن جنايةَ العمد على النفس ليس فيها ديةٌ مقدرةٌ، وإنما يخير المستَحِق لها بين القصاصِ أو العفوِ مجانًا أو العفو مقابل الدية برضا الجاني، ويدلّ لذلك ما جاء في الصحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في فتح مكة: (… وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهْوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إِمَّا أَنْ يُفْدَى، وَإِمَّا أَنْ يُقِيدَ) [البخاري:2703]، وقال الدردير رحمه الله: “وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَعْفُوَ مَجَّانًا، أَوْ يَقْتَصَّ، وَجَازَ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا بِرِضَا الْجَانِي” [الشرح الكبير:239/4].

وإذا تعدَّى أجنبيٌّ على القاتلِ فقتله، فإنَّ حقّ المقتول الأولِ يتعلق به، فلأولياء المقتول الأول المطالبة بحقهم مِن ذلك المتعدّي، قال عليش رحمه الله: “(وَ) إنْ قَتَلَ شَخْصٌ شَخْصًا عَمْدًا عُدْوَانًا، وَقَتَلَ الْقَاتِلَ شَخْصٌ غَيْرُ الْمُسْتَحِقِّ عَمْدًا عُدْوَانًا أَيْضًا (اسْتَحَقَّ وَلِيٌّ) الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ (دَمَ مَنْ) أَيِ الشَّخْصِ الَّذِي (قَتَلَ الْقَاتِلَ) الْأَوَّلَ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ وَلِيَّ الْأَوَّلِ اسْتَحَقَّ دَمَ قَاتِلِهِ، فَهُوَ مُسْتَحِقٌّ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ” [منح الجليل:9/12].

والديةُ الكاملة قدرها: (4250) جرامًا من الذهب الخالص، أو ما يعادلها من المال، وللمرأة نصفها، ففي الأثر: “فَرَضَهَا عُمَرُ رضي الله عنه عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ” [أبوداود:4542].

عليه؛ فإنّ وليّ المقتولِ الأول (ط) وهو والده -لأنه أقرب عاصب- ينتقل له الحقّ في المطالبة بدمِ المقتولِ الثاني (م)؛ لأنه لما استحق دم قاتل ابنه (ط) استحق ما ترتب عليه من قصاص أو دية، وهذا إذا لم يكن والد ط هو الآمر لأبنائه بالقتل، وإلا فلا حقّ له في المطالبةِ، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

عصام بن علي الخمري

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

13//رمضان//1442هـ

25//04//2021م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق