بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4590)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
يوجد حريم بئر، وهو ما يعرف (بالمجر)، يشرب من هذه البئر تسع قطع محيطة به، واحدة منها أرض موقوفة على تاليف، حصتها من المجر 6.47 م2، وقومت بستة آلاف دينار، وقد تنازل جميع أصحاب القطع عما ينوبهم من الحريم لصاحب قطعة مجاورة لحريم البئر، وبقيت حصة أرض الوقف من الحريم، فهل يجوز شراء مناقب الوقف بالمبلغ المقدر وجعل هذا المبلغ في وقف آخر بدلا عنه، إذ لا يمكن الاستفادة من المساحة المذكورة ولو بالإيجار، فقيمة الإيجار لا تتجاوز مئة دينار في السنة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن المتعارف عليه بين الناس في الآبار القديمة وملحقاتها من حمالة الماء والمجر ونحو ذلك أنها ملك مشترك على الشيوع بين أرباب سواقي البئر، وما ينوب أرض الوقف من حريم البئر إن كان مشتركًا على الشيوع جاز بيعه إن أراد الشركاء ذلك، قال الدردير رحمه الله: “أَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا شَائِعًا فِيمَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا الْوَاقِفُ إنْ أَرَادَهَا الشَّرِيكُ، وَأَمَّا مَا لَا يَقْبَلُهَا فَفِيهِ قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ، وَعَلَى الصِّحَّةِ يُجْبَرُ الْوَاقِفُ عَلَى الْبَيْعِ إنْ أَرَادَ شَرِيكُهُ، وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِ وَقْفِهِ” [الشرح الكبير: 4/76] والوقف إذا لم يمكن الانتفاع به على الوجه الذي حدده الوقف فيُستبدل بوقف آخر؛ ففي المعيار عن ابن رشد رحمه الله، أنه سئل عن حكم معاوضة أرض غامرة تابعة لمسجد، فأجاب: “إِنْ كَانَتِ الْقِطْعَةُ مِنَ الْأَرْضِ الْمُحَبَّسَةِ قَدِ انْقَطَعَتْ مَنْفَعَتُهَا جُمْلَةً، وَعَجَزَ عَنْ عِمَارَتِهَا، فَلَا بَأْسَ بِالْمُعَاوَضَةِ فِيهَا بِمَكَانٍ يَكُونُ حُبُسًا مَكَانَهَا، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِحُكْمٍ مِنَ الْقَاضِي بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ السَّبَبِ، وَالْغِبْطَةِ فِي الْعِوَضِ وَيُسَجِّلُ ذَلِكَ وَيُشْهِدُ بِهِ” [المعيار المعرب: 7/138].
عليه؛ فيجوز بيع ما ناب أرض الوقف من حريم البئر على أن يساهم به في وقف آخر حفاظًا على مصلحة الوقف، وتحقيقًا لغرض الواقف، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الرحمن بن حسين قدوع
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
26//ذو الحجة//1442هـ
05//08//2021م
جزاكم الله خيرا