ما حكم من يصف أمه وزوجته بأوصافٍ قبيحةٍ كالعهر؟
قذف المحصنات الغافلات
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4673)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
ما حكم من يصف أمه وزوجته بأوصافٍ قبيحةٍ كالعهر؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فـمَن وَصفَ امرأةً مسلمةً عفيفةً بالعهرِ فقد اقترفَ إثمًا عظيمًا؛ لوقوعه في قذف المحصناتِ الغافلاتِ، الذي هو مِن الكبائرِ الموبقات، قال تعالى:﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُواْ فِي الدُّنْيَا واءَلاْخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 23]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ) [البخاري: 2766]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ) [مسلم: 2564]، ويُقام حدُّ القذف ثمانين جلدةً على القاذفِ، إنْ طالبَ المقذوفُ بإقامةِ الحدّ، ولم يقدر القاذف أن يثبت على المقذوف ما رماه به، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَآئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُواْ مِنم بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [النور: 4]، قال الخرشي رحمه الله: “وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ: يَا … وَهِيَ الزَّانِيَةُ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ زَوْجَتِهِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ، وَمِثْلُهُ يَا فَاجِرَةُ يَا عَاهِرَةُ” [شرح مختصر خليل للخرشي: 8/88].
وإن كانتِ المقذوفةُ هي الأمّ فالحرمةُ أشد؛ لانضمام كبيرةِ العقوق إلى كبيرةِ القذف، فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مِنَ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهَلْ يَشْتُمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ نَعَمْ، يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ” [مسلم: 146]، فمن الكبائر أن يتسبَّب الرجل في سبِّ والديه، والأشد منه أن يُباشِر سبَّهما بنفسه، فذلك هو الشقيُّ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟ قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ …) [البخاري: 5976]، ومرتكِبُ هذه الكبيرة المركَّبة من القذف والعقوق على خطر عظيمٍ، إنْ لم يُسرِع بالتوبة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
04//ربيع الأول//1443هـ
11//10//2021م