طلب فتوى
2021بيانات مجلس البحوث الشرعية

(بيانُ مجلسِ البحوثِ والدراساتِ الشرعيةِ، حولَ توقيعِ الحكومة الليبيةِ مع الأمم المتحدة، على مذكرةِ التفاهمِ المتعلقةِ بالمرأةِ والمساواةِ بين الجنسينِ)

 

(بيانُ مجلسِ البحوثِ والدراساتِ الشرعيةِ، حولَ توقيعِ الحكومة الليبيةِ مع الأمم المتحدة، على مذكرةِ التفاهمِ المتعلقةِ بالمرأةِ والمساواةِ بين الجنسينِ)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فإنّ مجلسَ البحوث والدراسات الشرعية بدار الإفتاءِ الليبية، تابعَ الأخبارَ الواردةَ عن وزارةِ شؤونِ المرأة، بشأنِ توقيعِ مذكرة تفاهمٍ مع إحدى المنظمات الدوليةِ، التابعة للأمم المتحدة، وهي هيئةُ الأمم المتحدة للمرأةِ، وما نُسبَ إلى تلك المذكرةِ، مِن أنها تتضمنُ العملَ المشتركَ لتفعيلِ قرارِ مجلسِ الأمنِ رقم 1325 بشأنِ المرأة… وأنها تتضمنُ بنودًا، يتعهدُ الطرفانِ فيها بالعمل على تفعيلِ اتفاقيةِ (سيداو) وشبهها، والعمل على استصدارِ القوانينِ اللازمةِ لذلكَ.

بالنظر إلى كل ذلك؛ يرى مجلسُ البحوث أنه من الواجبِ عليه التنبيهُ على الآتي :

1 – يحذر المجلسُ مِن الانفرادِ بتوقيعِ الاتفاقياتِ الخطيرةِ الأثرِ على المجتمعِ، وعدم عرضها على دستور البلاد وشريعتها، وقطعياتِ دينِها.

2- المطلوبُ من الوزارةِ إبرازُ المذكرةِ الموقعِ عليها؛ ليسهلَ على المجتمع معرفةُ ما يتمّ التوقيع عليه مِن الشؤونِ الكبرى، المتعلقة بخصوصياته، وعلاقاتهِ الأُسَريةِ، وأمورِ دينه.

3- التوقيعُ على تفعيل اتفاقية (سيداو) وما شابَهَها، ممّا يصدرُ عن الأمم المتحدة من اتفاقياتٍ بشأن المرأةِ، مخالفٌ لقطعياتِ الشريعةِ الإسلامية الغراء، فيما يتعلقُ بالأسرةِ، القائمِ على الزواجِ وحفظ الأنسابِ، واحترامِ الخصوصياتِ، والوظائفِ المُودَعةِ في خِلقةِ كلٍّ من الرجلِ والمرأة، فقد ضمنتِ الشريعةُ الإسلاميةُ حقوقَ المرأةِ القائمةِ على العدلِ كاملةً، ولا تحتاجُ إلى إضافةِ تغييرٍ ممّا تقررَ فيها مِن أحكامٍ، ولا ينكرُ ذلكَ إلا جاحدٌ.

4- البرنامجُ الذي يرادُ تطبيقهُ ضمن هذه الاتفاقياتِ، المتعلقُ – كما يقولون – بالتسوية الكاملة بين الرجلِ والمرأةِ، وبالقضاء على العنفِ ضد المرأة القائمِ على الجنسِ؛ التوقيع عليه يؤدّي إلى إبطال كثيرٍ من أحكام الإسلامِ، الخاصةِ بالمرأةِ، فيما يتعلقُ بالعدةِ والنفقةِ والقوامةِ والطاعةِ والرضاعِ والحملِ، ففي ذلكَ كلّه آياتٌ مِن القرآن الكريم، ويؤدّي كذلك إلى إبطالِ العمل بالآياتِ الآمرة بالحجابِ والسترِ والمواريثِ، وما تقبلُ فيه شهادةُ المرأةِ

 

وما لا تُقبل، ونحو ذلك مما ورد في السنةِ المحذرةِ من التبرجِ، وإبداءِ الزينةِ غير الظاهرةِ، واختلاطِ المتبرجاتِ بالرجالِ في حفلاتِ الغناءِ وغيرِها ، وما إلى ذلكَ من الأحكام المجمَعِ عليها، التي تختصُّ بالمرأةِ؛ صونًا لها، ووقوفًا عند حدودِ الله، ومعلومٌ أن أيّ اتفاقيةٍ تتضمنُ إبطالَ آياتِ القرآن ومخالفةَ الأحكامِ القطعيةِ المعلومةِ مِن الدينِ بالضرورةِ، لا يحلُّ لمسلمٍ أن يسكتَ عنها، فضلًا عن إقرارِها والدعوةِ إليها، قالَ اللهُ تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)  النساء:64   ،وقال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) الأحزاب 36.

5- التحفظُ بنحوِ عبارةِ: (بمَا لا يخالفُ الشريعةَ الإسلاميةَ) لا يفيدُ بعدَ التوقيعِ عليها؛ لأنّ هذه الاتفاقيات تنصُّ على أنّ أيّ تحفظٍ يتعارضُ مع أهدافِ البرنامجِ الذي تمّ الاتفاقُ عليهِ لا اعتبارَ له، فذكرُ التحفظِ وعدمهُ سواءٌ.

وعليه؛ فإنّ المجلسَ – حرصًا على مَن ولاه الله شيئًا مِن أمرِ المسلمينَ وحفظًا لدينِ الأمةِ- يدعُو بشدةٍ إلى وجوبِ الانسحابِ مِن مذكرةِ التفاهمِ، وإلغاءِ التعهداتِ المتعلقةِ باتفاقيةِ (سيداو) ونحوها، قبل التوقيعِ على البرنامجِ والأهدافِ المرادة منها، فإنّ الانسحابَ بعدَ التوقيعِ على البرنامجِ الذي أعدتهُ الأمم المتحدةُ لمثل هذهِ الاتفاقياتِ لا تترتبُ عليه آثارهُ؛ لأن الالتزامات المترتبةَ عليه لا تلْغَى إلا بعدَ أن تحققَ البرامجُ أهدافَها، كما تنصُّ على ذلك الاتفاقياتُ نفسُها.

فالحذرَ الحذرَ مِن الوقوعِ فيما لا تحمدُ عقباهُ ممَّا تنخلعُ منهُ القلوبُ، وضررُهُ يصيبُ هذا الجيلَ والأجيالَ التِي بعدَه في مَقتلٍ، وليطلبْ كلُّ مسلمٍ مِن المسؤولينَ وغيرِهم – يمرُّ بهذَا الامتحانِ – العافيةَ لنفسهِ، قبلَ فواتِ الأوانِ.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

مجلس البحوث والدراسات الشرعية بدار الإفتاء

السبت:16 ربيع الأول 1443 هـ

الموافق”23-10-2021 م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق