عقد انتفاع في أرض منزوعة الملكية غصبا
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4595)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
توفي والدي، وله زوجةٌ لم ينجب منها أبناء، وترك منزلًا مقامًا على أرض تابعة لمشروع زراعي، تحصل عليها بعقد انتفاعٍ من الدولة سنة 1985م، علما أن الدولة نزعت ملكية أراضي المشروع مِن الملاك الأصليين ولم تعوضْهم، ولايزال الملاكُ يطالبون باسترجاعِ أملاكهم، فهل لزوجة أبي أو لأحدٍ من ورثته حقٌّ في هذا المنزل؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإذا كان أصلُ هذه الأراضي مملوكًا لأصحابِها، فاستولتْ عليها الدولة، وصيرتها مشروعًا زراعيًّا، ثم خصصته لأناسٍ آخرين، وأعطت الدولةُ أصحابَ الأرض تعويضًا بالثمن الحقيقيِّ للأرض، وأبرمت معهم عقدًا برضاهم، فانتفاع مَن خُصصت له الأرضُ صحيحٌ.
أما إذا لم تدفع الدولة لصاحبِ الأرض الأصلي عوضًا، أو دفعت عوضًا بخسًا، لم يرضَ به في ذلك الوقت، ففعل الدولة حينها تعَدٍّ وغصبٌ، لا يثبت به حقّ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ لِعِرْق ظَالِم حَقٌّ) [أبوداود:3075]، وقال صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) [السنن الكبرى للبيهقي:11545]، ولا حقّ لمن خصصت له أرضٌ فيما خُصص له؛ لأنه أُعطيَ أرضًا مغصوبةً، وقد حرَّم الله الغصبَ؛ قال صلى الله عليه وسلم: (مَن ظلمَ قيد شبرٍ من الأرضِ، طوِّقهُ مِن سبعِ أرضين) [البخاري:2453].
وعليه؛ فإن كان الحال كما ورد في السؤال من أنّ الأرض منزوعةُ الملكية من ملاكها دونَ تعويض، ثم خصصتْ لوالدكَ بعقد انتفاع، فلا حق لزوجة أبيكَ ولا لأي أحدٍ من ورثته في المنزل، والواجبُ على الورثة ردُّ هذا العقار المغصوبِ إلى ملاكهِ، عبرَ الجهات المختصة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
02//محرم//1443هـ
10//08//2021م