تقديم الموظف إجازة مرضية على خلاف الواقع
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2311)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
ما هو رأي الشرع في حصول الموظف على إجازة مرضية دون أن يكون مريضاً؟ وما حكم الراتب الذي يتقاضاه خلال هذه الإجازة؟ وهل يأثم الطبيب الذي يقوم بإعطاء هذه الإجازة بدون وجه حق؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فتقديم الموظف إجازة مرضية على خلاف الواقع، يُعتبر غشا وتزويرا محرما؛ لقول الله تعالى: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) [الحج:30]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من غش فليس منا) [مسلم:102]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، ثلاثًا، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئًا فجلس، فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته يسكت) [البخاري:5631، مسلم:143].
قال الحافظ ابن حجر: “ضابط الزور: وصف الشيء على خلاف ما هو به، وقد يضاف إلى القول فيشمل الكذب والباطل” [فتح الباري:100/17].
وذكر العلماء – كما في الموسوعة الفقهية – تحت كلمة التزوير: أن التزوير يشمل؛ الغش في الوثائق والسجلات، ومحاكاة خطوط الآخرين وتوقيعاتهم بقصد الخداع والكذب. [الموسوعة الفقهية الكويتية:10/199،11/260].
وهذا يشمل أيضًا الطبيب الذي يقوم بإعطاء الموظف إجازة بغير وجه حق، ودون سبب مرضيّ يستدعي ذلك، فهو غاشٌّ للمسلمين، شاهد لشهادة الزور.
وعليه؛ فلا يجوز للموظف أخذ إجازة مرضية دون أن يكون هناك عذرٌ شرعي، يستوجب تلك الإجازة، وإلاّ فهو آثم، وكذلك حال الطبيب الذي يقوم بمنح هذه الإجازة؛ لما في ذلك من الكذب والتزوير، والغش للمؤسسة التي يعمل بها، وما يأخذه الموظف من راتب مقابل هذه الإجازة هو كسب غير مشروع، عليه ردّه إلى جهة العمل المسؤولة، قال صلى الله عليه وسلم: (على اليد ما أخذت حتى تؤديه) [النسائي:5751]، كما ننصح الجميع بتقوى الله عز وجل، والإتقان في العمل، والصدق والإخلاص فيه، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
محمد الهادي كريدان
أحمد ميلاد قدور
غيث محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
16/جمادى الآخرة/1436هـ
06/أبريل/2015م